فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَٱعۡبُدُواْ مَا شِئۡتُم مِّن دُونِهِۦۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ} (15)

{ فاعبدوا مَا شِئْتُمْ } أن تعبدوه { مِن دُونِهِ } هذا الأمر للتهديد والتقريع والتوبيخ كقوله : { اعملوا مَا شِئْتُمْ } [ فصلت : 40 ] ، وقيل : إن الأمر على حقيقته ، وهو منسوخ بآية السيف ، والأوّل أولى { قُلْ إِنَّ الخاسرين الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القيامة } أي إن الكاملين في الخسران هم هؤلاء ، لأن من دخل النار ، فقد خسر نفسه وأهله . قال الزجاج : وهذا يعني به الكفار ، فإنهم خسروا أنفسهم بالتخليد في النار ، وخسروا أهليهم ، لأنهم لم يدخلوا مدخل المؤمنين الذين لهم أهل في الجنة ، وجملة : { أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الخسران المبين } مستأنفة لتأكيد ما قبلها ، وتصديرها بحرف التنبيه للإشعار بأن هذا الخسران الذي حلّ بهم قد بلغ من العظم إلى غاية ليس فوقها غاية ، وكذلك تعريف الخسران ، ووصفه بكونه مبيناً ، فإنه يدلّ على أنه الفرد الكامل من أفراد الخسران ؛ وأنه لا خسران يساويه ، ولا عقوبة تدانيه .

/خ20