قوله تعالى : { فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ } إنه يخرج هذا الحرف منه مخرج التهديد لهم والتوعد ، يقول : أما أنا فإنما أعبد الله الحق ، وله أخلص ديني ، فاعبدوا أنتم ما شئتم ، فإنه يجزيكم جزاء عبادتكم كقوله عز وجل : { فاعبدوا ما شئتم } الآية [ فصلت : 40 ] وذلك معروف في كلام الناس : يقول الرجل : اعمل ما شئت فإن لك الجزاء بما تعمل على الوعيد . فعلى ذلك قوله عز وجل : { فاعبدوا ما شئتم من دونه } والله أعلم .
ويحتمل وجها آخر ، لا على الوعيد ، ولكن يقول : قد بينت لكم ، وأوضحت السبيلين جميعا بالآيات والحجج : سبيل النجاة الذي إذا سلكتموه نجوتم ، وهو سبيل الله ، وسبيل الهلاك الذي إذا سلكتموه أهلككم ، وهو سبيل الشيطان ، فإن أردتم النجاة فاسلكوا سبيل كذا ، وإن أردتم سبيل الهلاك فاسلكوا كذا ، والله أعلم .
ثم قوله : { قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } كناية لما أمرهم أن يقوا أنفسهم وأهليهم النار حين قال عز وجل : { يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا } [ التحريم : 6 ] لتكون لهم أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ، ويسلم إليهم ذلك ، وقد مكن لهم ذلك . وهلكوا ، وتركوا ذلك ، ولم يقوا أنفسهم ولا أهليهم النار . قال عند ذلك : { خسروا أنفسهم أهليهم } .
ويحتمل أنهم قد أمروا بالسعي للآخرة والعمل لها ، ووعدوا إذا سعوا لها ، وعملوا ، النجاة في الآخرة والحياة الدائمة والأهل في الجنة . وإذا لم يسعوا لها ، ولم يعملوا خسروا أنفسهم والأهل الذين وعدوا فيها إذا سعوا . وهلكت أنفسهم .
قوله تعالى : { أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } ألا هنالك بين لهم أنهم خسروا خسرانا مبينا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.