غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَٱعۡبُدُواْ مَا شِئۡتُم مِّن دُونِهِۦۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ} (15)

1

أخر الفعل وضم إلى مضمونه التهديد بقوله { فاعبدوا ما شئتم من دونه } .

النوع الرابع { قل أن الخاسرين } الكاملين في الخسران الجامعين لوجوهه هم { الذين خسروا أنفسهم } لوقوعها في هلكة الإخلاد بعذابها { و } خسروا { أهليهم } لأن أهلهم وأولادهم إن كانوا في النار فلا فائدة لهم منهم لأنهم محجوبون عنهم ، أو لأن كلاً منهم مشغول بهمه وإن كانوا من أهل الجنة فما أبعد ما بينهم . وقيل : أهلوهم الحور العين في الجنة لو آمنوا .

قال أهل البيان : في قوله { ألا ذلك هو الخسران المبين } تفظيع لشأنهم حيث استأنف الجملة وصدّرها بحرف التنبيه ووسط الفصل وعرف الخسران ووصفه بالمبين . قلت : التحقيق فيه أن للإنسان قوّتين يستكمل بإحداهما علماً وبالأخرى عملاً . والآلة الواسطة في القسم الأول هي العلوم المسماة بالبديهيات وترتيبها على الوجه المؤدّي إلى النتائج وهو بمنزلة الربح يشبه تصرف التاجر في رأس المال بالبيع والشراء ، والآلة في القسم العملي هي القوى البدنية وغيرها من الأسباب الخارجية المعينة عليها ، واستعمال تلك القوى في وجوه أعمال البر التي هي بمنزلة الربح يشبه التجارة فكل من أعطاه الله العقل والصحة والتمكين .