أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ} (7)

شرح الكلمات :

{ أن رآه استغنى } : أي عندما يرى نفسه قد استغنى بما له أو ولده أو سلطانه .

المعنى :

إذا رأى نفسه قد استغنى بماله أو ولده أو سلطانه أو بالكُلِّ وما أصبح في حاجة إلى غيره يطغى

فيتجاوز حدّ الآداب والعدل والحق والعرف فيتكبر ويظلم ويمنع الحقوق ويحتقر الضعفاء ويسخر بغيره . وأبو جهل كان مضرب المثل في هذا الوصف وصف الطغيان ، حتى قيل : إنه فرعون هذه الأمة ، وها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في المسجد الحرام خلف المقام فيأتيه هذا الطاغية ويهدده ويقول له : لقد نهيتك عن الصلاة هنا فلا تعد ، ويقول له : إن وجدتك مرة أخرى آخذ بناصيتك وأسحبك على الأرض ، فينزل الله تعالى هذه الآيات { كلا إن الإِنسان ليطغى أن رآه استغنى } فيقف برسوله على حقيقة ما كان يعلمها وهي أن ما يجده من أبي جهل وأضرابه من طغاة قريش علته كذا وكذا ، ويسليه ، فيقول له : وإن طغوا وتجبروا إن مرجعهم إلينا ، وسوف ننتقم لك منهم .

/ذ6

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ} (7)

" أن رآه " أي لأن رأى نفسه استغنى ، أي صار ذا مال وثروة . وقال ابن عباس في رواية أبي صالح عنه ، قال : لما نزلت هذه الآية وسمع بها المشركون ، أتاه أبو جهل فقال : يا محمد تزعم أنه من استغنى طغى ، فاجعل لنا جبال مكة ذهبا ، لعلنا نأخذ منها ، فنطغى فندع ديننا ونتبع دينك . قال : فأتاه جبريل عليه السلام فقال : ( يا محمد خيرهم في ذلك ، فإن شاؤوا فعلنا بهم ما أرادوه ، فإن لم يسلموا فعلنا بهم كما فعلنا بأصحاب المائدة ) . فعلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن القوم لا يقبلون{[16214]} ذلك ، فكف عنهم إبقاء عليهم . وقيل : " أن رآه استغنى " بالعشيرة والأنصار والأعوان . وحذف اللام من قوله " أن رآه " كما يقال : إنكم لتطغون إن رأيتم غناكم . وقال الفراء : لم يقل : رأى نفسه ، كما قيل : قتل نفسه ؛ لأن رأى من الأفعال التي تريد اسما وخبرا ، نحو الظن والحسبان ، فلا يقتصر فيه على مفعول واحد . والعرب تطرح النفس من هذا الجنس تقول : رأيتني وحسبتني ، ومتى تراك خارجا ، ومتى تظنك خارجا . وقرأ مجاهد وحميد وقنبل عن ابن كثير " أن رآه استغنى " بقصر الهمزة . الباقون " رآه " بمدها ، وهو الاختيار .


[16214]:في نسخة من الأصل: "يقبلون".