فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ} (7)

وقوله { أن رآه استغنى } علة ليطغى أن رأى نفسه مستغنيا ، والرؤية هنا بمعنى العلم ، ولو كانت بصرية لامتنع الجمع بين الضميرين في فعلها لشيء واحد ؛ لأن ذلك من خواص باب علم ونحوه ، قال الفراء : لم يقل رأى نفسه كما قيل قتل نفسه ؛ لأن رأى من الأفعال التي تريد اسما وخبرا نحو الظن والحسبان فلا يقتصر فيه على مفعول واحد ، والعرب تطرح النفس من هذا الجنس تقول : رأيتني وحسبتني ، ومتى نراك خارجا ؟ ومتى نظنك خارجا ؟

قيل : والمراد هنا أنه استغنى بالعشيرة والأنصار والأموال ، قرأ الجمهور { أن رآه } بمد الهمزة ، وقرئ بقصرها .

قال مقاتل : كان أبو جهل إذا أصاب مالا زاد في ثيابه ومركبه وطعامه وشرابه ، فذلك طغيانه ، وكذا قال الكلبي .

قال الرازي : أول السورة يدل على مدح العلم ، وآخرها يدل على ذم المال ، وكفى بذلك مرغبا في الدين والعلم ، ومنفرا عن الدنيا والمال .