قوله : { أَن رَّآهُ استغنى } ، مفعول له ، أي : رؤيته نفسه مُسْتغنياً ، وتعدى الفعل هنا إلى ضميريه المتصلين ؛ لأن هذا من خواص هذا الكتاب .
قال الزمخشريُّ{[60536]} : «ومعنى الرؤية ، ولو كانت بمعنى الإبصار لامتنع في فعلها الجمع بين الضميرين ، و «اسْتَغْنَى » هو المفعول الثاني » .
قال شهاب الدين{[60537]} : والمسألة فيها خلاف : ذهب جماعةٌ إلى أن «رأى » البصرية تعطى حكم العلمية ، وجعل من ذلك قول عائشة - رضي الله عنها - : لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام إلا الأسودان{[60538]} ؛ وأنشد : [ الكامل ]
5255- ولقَد أرَانِي للرِّمَاحِ دَرِيئَةً *** مِنْ عَنْ يَمينِي تَارَةً وأمَامِي{[60539]}
وقرأ قنبل{[60540]} بخلاف عنه : «رأه » دون ألف بعد الهمزة ، وهو مقصور من «رآه » في قراءة العامة .
ولا شك أن الحذف جاء قليلاً ، كقولهم : «أصاب الناس جهد ولو تر أهل مكة » بحذف لام «ترى » ؛ وقول الآخر : [ الرجز ]
5256- *** وصَّانِيَ العَجَّاجُ فِيمَا وصَّنِي{[60541]}***
يريد : فيما وصاني ، ولما روي عن مجاهد هذه القراءة عن قنبل ، وقال : «قرأت بها عليه » نسبه فيها إلى الغلط ، ولا ينبغي ذلك ، لأنه إذا ثبت ذلك قراءة ، فإن لها وجهاً وإن كان غيره أشهر منه ، فلا ينبغي أن يقدم على تغليطه .
قال ابن عبَّاسٍ في رواية «أبي صالح » : لما نزلت هذه الآية وسمع بها المشركون ، أتاه أبو جهل ، فقال : يا محمد ، أتزعم أنه من استغنى طغى ، فاجعل لنا جبال «مكة » ذهباً لعلنا نأخذ منها فنطغى ، فندعُ ديننا ، ونتبع دينك ، قال : فأتاه جبريل - عليه السلام - فقال : يا محمد خيِّرهم في ذلك ، فإن شاءوا فعلنا لهم ما أرادوه ، فإن لم يفعلوا فعلنا بهم كما فعلنا بأصحاب المائدةِ ، فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لا يقبلون ذلك ، فكفّ عنهم أسفاً عليهم{[60542]} .
[ وقيل : أن رآه استغنى بالعشيرة والأنصار والأعوان ، وحذف اللام من قوله : «أن رآه » كما يقال : إنكم لتطغون أن رأيتم غناكم ]{[60543]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.