{ وأنا لمسنا السماء } : أي طلبنا خبرها كما جرت بذلك عادتنا .
{ حرساً شديداً } : أي حراسا وحفظة من الملائكة يحفظونها بشدة وقوة .
{ وشهباً } : أي نجوما يرمى بها الشياطين أو يؤخذ منها شهاب فيرمى به .
ما زال السياق الكريم في ما قالته الجن بعد سماعها القرآن الكريم . وهو ما أخبر تعالى به عنهم في قوله { وانّا لمسنا السماء } أي طلبناها كعادتنا { فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهبا } أي ملائكة أقوياء يحرسونها وشهبا نارية يرمى بها كل مسترق للسمع منا .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
وقالت الجن: {وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا} من الملائكة {وشهبا} من الكواكب.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"وإنّا لَمَسْنا السّماءَ" يقول عزّ وجلّ مخبرا عن قيل هؤلاء النفر: وأنا طلبنا السماء وأردناها،
"فَوَجَدْناها مُلِئَتْ": فوجدناها ملئت "حَرَسا شَدِيدا" يعني حَفَظَة "وشُهُبا"، وهي جمع شهاب، وهي النجوم التي كانت تُرجم بها الشياطين.
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
{وأنا لَمسْنا السّماءَ} فيه وجهان:
الثاني: قاربنا السماء، فإن الملموس مقارَب.
{فوَجدْناها مُلئتْ حَرَساً شديداً} هم الملائكة الغلاظ الشداد. {وشُهُباً} جمع شهاب وهو انقضاض الكواكب المحرقة لهم عند استراق السمع.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{وأنا لمسنا} معناه التمسنا، ويظهر بمقتضى كلام العرب أنها استعارة لتجربتهم أمرها وتعرضهم لها، فسمي ذلك لمساً إذ كان اللمس غاية غرضهم.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
يخبر تعالى عن الجن حين بعث الله رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه القرآن، وكان من حفظه له أن السماء مُلئَت حرسا شديدًا، وحفظت من سائر أرجائها، وطردت الشياطين عن مقاعدها التي كانت تقعد فيها قبل ذلك؛ لئلا يسترقوا شيئا من القرآن. فيلقوه على ألسنة الكهنة، فيلتبس الأمر ويختلط ولا يدرى من الصادق. وهذا- من لطف الله بخلقه ورحمته بعباده، وحفظه لكتابه العزيز، ولهذا قال الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا}.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ويمضي الجن في حكاية ما لقوه وما عرفوه من شأن هذه الرسالة في جنبات الكون، وفي أرجاء الوجود، وفي أحوال السماء والأرض، لينفضوا أيديهم من كل محاولة لا تتفق مع إرادة الله بهذه الرسالة، ومن كل ادعاء بمعرفة الغيب، ومن كل قدرة على شيء من هذا الأمر.
وهذا النفر من الجن يقول: إن استراق السمع لم يعد ممكنا، وإنهم حين حاولوه الآن -وهو ما يعبرون عنه بلمس السماء- وجدوا الطريق إليه محروسا بحرس شديد، يرجمهم بالشهب، فتنقض عليهم وتقتل من توجه إليه منهم. ويعلنون أنهم لا يدرون شيئا عن الغيب المقدر للبشر: (وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا).. فهذا الغيب موكول لعلم الله لا يعلمه سواه. فأما نحن فلا نعلم ماذا قدر الله لعباده في الأرض: قدر أن ينزل بهم الشر. فهم متروكون للضلال، أم قدر لهم الرشد -وهو الهداية- وقد جعلوها مقابلة للشر. فهي الخير، وعاقبتها هي الخير. وإذا كان المصدر الذي يزعم الكهان أنهم يستقون منه معلوماتهم عن الغيب، يقرر أنه هو لا يدري عن ذلك شيئا، فقد انقطع كل قول، وبطل كل زعم، وانتهى أمر الكهانة والعرافة. وتمحض الغيب لله، لا يجترئ أحد على القول بمعرفته، ولا على التنبؤ به. وأعلن القرآن تحرير العقل البشري من كل وهم وكل زعم من هذا القبيل! وأعلن رشد البشرية منذ ذلك اليوم وتحررها من الخرافات والأساطير! وهذا النفر من الجن يقول: إن استراق السمع لم يعد ممكنا، وإنهم حين حاولوه الآن -وهو ما يعبرون عنه بلمس السماء- وجدوا الطريق إليه محروسا بحرس شديد، يرجمهم بالشهب، فتنقض عليهم وتقتل من توجه إليه منهم. ويعلنون أنهم لا يدرون شيئا عن الغيب المقدر للبشر: (وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا).. فهذا الغيب موكول لعلم الله لا يعلمه سواه. فأما نحن فلا نعلم ماذا قدر الله لعباده في الأرض: قدر أن ينزل بهم الشر. فهم متروكون للضلال، أم قدر لهم الرشد -وهو الهداية- وقد جعلوها مقابلة للشر. فهي الخير، وعاقبتها هي الخير. وإذا كان المصدر الذي يزعم الكهان أنهم يستقون منه معلوماتهم عن الغيب، يقرر أنه هو لا يدري عن ذلك شيئا، فقد انقطع كل قول، وبطل كل زعم، وانتهى أمر الكهانة والعرافة. وتمحض الغيب لله، لا يجترئ أحد على القول بمعرفته، ولا على التنبؤ به. وأعلن القرآن تحرير العقل البشري من كل وهم وكل زعم من هذا القبيل! وأعلن رشد البشرية منذ ذلك اليوم وتحررها من الخرافات والأساطير!
قوله تعالى : " وأنا لمسنا السماء " هذا من قول الجن ؛ أي طلبنا خبرها كما جرت عادتنا " فوجدناها " قد " ملئت حرسا شديدا " أي حفظة ، يعني الملائكة . والحرس : جمع حارس " وشهبا " جمع شهاب ، وهو انقضاض الكواكب المحرقة لهم عن استراق السمع . وقد مضى القول فيه في سورة " الحجر " {[15450]} " والصافات{[15451]} " . و " وجد " يجوز أن يقدر متعديا إلى مفعولين ، فالأول الهاء والألف ، و " ملئت " في موضع المفعول الثاني . ويجوز أن يتعدى إلى مفعول واحد ويكون " ملئت " في موضع الحال على إضمار قد . و " حرسا " نصب على المفعول الثاني " بملئت " . و " شديدا " من نعت الحرس ، أي ملئت ملائكة شدادا . ووحد الشديد على لفظ الحرس ؛ وهو كما يقال : السلف الصالح بمعنى الصالحين ، وجمع السلف أسلاف{[15452]}وجمع الحرس أحراس ، قال{[15453]} :
ولما كان عدم البعث من خلل في القدرة ، شرعوا في إثبات تمام القدرة على وجه{[69055]} دال على صحة القرآن وحراسته من الجان ، لئلا يظن أنه من نحو ما للكهان ، فقالوا مؤكدين في قراءة الكسر لاستبعاد الوصول إلى السماء حثاً على طلب المهمات وإن بعد مكانها : { وإنا } ولما كان يعبر عن الإمعان في التفتيش بالالتماس ، وكان تجريد الفعل أعظم من ذلك للدلالة على الخفة وعدم الكلفة قال : { لمسنا السماء } أي الدنيا التمسنا أخبارها على ما كان من عادتنا لاستماع ما يغوى به الإنسان التماساً هو كالحس باللمس باليد { فوجدناها } من جميع نواحيها وهو من الوجدان { ملئت } أي ملأً هو في غاية السهولة والخفة على فاعله { حرساً } أي حراساً اسم جمع ، فهو مفرد اللفظ ، ولذلك وصف بقوله : { شديداً } أي بالملائكة { وشهباً * } جمع سهاب وهو المتوقد من النار ، فعلت هممهم حتى طلبوا المهمات الدنيوية والشهوات النفسانية من مسيرة{[69056]} خمسمائة سنة صعوداً ، فأفّ لمن يكسل عن{[69057]} مهمات الدين المحققة من مسيرة ساعة أو دونها ، وأن يقعد في مجلس العلم ساعة أو دونها ، والتعبير بالملأ يدل على أنها كانت قبل ذلك{[69058]} تحرس لكن لا على هذا{[69059]} الوجه فقيل : إنها حرست لنزول التوراة ثم اشتد الحرس للانجيل ثم ملئت لنزول القرآن فمنعوا من الاستماع أصلاً إلا ما يصدق القرآن إرهاصاً للنبوة العظمى الخاتمة لئلا يحصل بهم{[69060]} نوع لبس .