قوله : { وَأَنَّا لَمَسْنَا السماء } . هذا من قول الجنِّ ، أي : طلبنا خبرها كما جرت عادتنا { فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً } ، أي ملئت حفظاً يعني : الملائكة .
فاللَّمْسُ : المس ، فاستعير للطلب ، لأن الماس متقرب ، يقال : لمسه والتمسه ونحوه الجس يقال : جسوه بأعينهم وتجسسوه .
والمعنى : طلبنا بلوغ السَّماء واستماع كلام أهلها .
قوله : { فَوَجَدْنَاهَا } ، فيها وجهان :
أظهرهما : أنها متعدية لواحد ؛ لأن معناها : أصبنا وصادفنا ، وعلى هذا فالجملة من قوله «مُلِئَتْ » في موضع نصب على الحال على إضمار «قَدْ » .
والثاني : أنها متعدية لاثنين ، فتكونُ الجملة في موضع المفعول الثاني .
و «حَرَساً » نصب على التمييز نحو «امتلأ الإناء ماء » .
والحَرَس : اسم جمع ل «حَارِس » نحو «خَدَم » ل «خَادِم » و «غيب » لغائب ، ويجمع تكسيراً على «أحْراس » ؛ كقول امرئ القيس : [ الطويل ]
4896 - تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً وأهْوَال مَعْشَر***حِرَاصٍ عليَّ لو يُسِرُّونَ مَقْتَلِي{[58125]}
والحارس : الحافظُ الرقيبُ ، والمصدر الحراسةُ ، و «شديداً » صفة ل «حَرسَ » على اللفظ ؛ كقوله : [ الرجز ]
4897 - أخْشَى رُجَيْلاً أو رُكَيْباً عَادِيَا{[58126]} *** . . .
ولو جاء على المعنى لقيل : «شداد » بالجمع ، لأن المعنى : مُلئتْ ملائكة شداد ، كقولك السلف الصالح ، يعني : الصالحين .
قال القرطبيُّ{[58127]} : «ويجوز أن يكون حَرَساً مصدراً على معنى : حرست حراسة شديدة » .
قوله : «وشُهُباً » . جمع «شِهَاب » ك «كِتَابِ وكُتُب » .
وقيل : المراد النجوم ، أو الحرسُ أنفسهم ، وهو انقضاض الكواكب المحرقة لهم عن استراقة السمع ، وقد تقدم في سورة «الحجر ، والصافات » .
وإنَّما عطف بعض الصفات على بعض عند تغاير اللفظ ، كقوله : [ الطويل ]
4898 - . . . *** وهِنْدٌ أتَى مِنْ دُونهَا النَّأيُ والبُعْدُ{[58128]}
وقرأ الأعرجُ{[58129]} : «مُلِيتْ » بياء صريحة دون همزة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.