السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

قال الجن : { وأنا لمسنا السماء } أي : زمن استراق السمع منها . قال الكلبي : السماء الدنيا أي : التمسنا أخبارها على ما كان من عادتنا من استماع ما تغوي به الإنس ، واللمس المس فاستعير للطلب ؛ لأن الماس طالب متعرّف ، والمعنى طلبنا بلوغ السماء واستماع كلام أهلها { فوجدناها } في وجد وجهان :

أظهرهما أنها متعدية لواحد لأنّ معناها أصبنا وصادفنا ، وعلى هذا فالجملة من قولهم { ملئت } في موضع نصب على الحال على إضمار قد .

والثاني : أنها متعدّية لاثنين فتكون الجملة في موضع المفعول الثاني ويكون { حرساً } منصوباً على التمييز ، نحو : امتلأ الإناء ماء ، والحرس اسم جمع لحارس نحو : خدم لخادم ، وهم الملائكة الذين يرجمونهم بالشهب ويمنعونهم من الاستماع ويجمع تكسيراً على أحراس ، والحارس الحافظ الرقيب ، والمصدر الحراسة و { شديداً } صفة لحرس على اللفظ ، ولو جاء على المعنى لقيل شداداً بالجمع لأن المعنى ملئت ملائكة شداداً كقولك : السلف الصالح ، يعني الصالحين . قال القرطبيّ : ويجوز أن يكون حرساً مصدراً على معنى حرست حراسة شديدة { وشهباً } جمع شهاب ككتاب وكتب وهو انقضاض الكواكب المحرقة لهم المانع لهم عن استراق السمع .