الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

1

قوله : { فَوَجَدْنَاهَا } : فيها وجهان ، أظهرُهما : أنَّها متعدِّيَةٌ لواحدٍ ؛ لأنَّ معناها أصَبْنا ، وصادَفْنا ، وعلى هذا فالجملةُ مِنْ قولِه " مُلِئَتْ " في موضعِ نصبٍ على الحال . والثاني : أنَّها متعدِّيةٌ لاثنينِ ، فتكونُ الجملةُ في موضعِ المفعولِ الثاني .

" وحَرَساً " منصوبٌ على التمييزِ نحو : " امتلأ الإِناءُ ماءً " . والحَرَسُ اسمُ جمع ل حارِس نحو : خَدَم لخادِم ، وغَيَب/ لغائِب ، ويُجْمَعُ تكسيراً على أحْراس ، كقولِ امرىء القيس :

تجاوَزْتُ أَحْراساً وأهوالَ مَعْشَرٍ *** عليَّ حِراصٍ لو يُشِرُّون مَقْتلي

والحارس : الحافظُ الرقيبُ ، والمصدرُ الحِراسةُ . و " شديداً " صفةٌ ل حَرَس على اللفظِ ، كقوله :

أخشى رُجَيْلاً ورُكَيْباً عادِياً ***

ولو جاءَ على المعنى لقيل : شِداداً بالجمع .

وقوله : { وَشُهُباً } جمعُ شِهاب ك كِتاب وكُتُب . وهل المرادُ النجومُ أو الحَرَسُ أنفسُهم ؟ وإنما عَطَفَ بعضَ الصفاتِ على بعضٍ عند تغايُرِ اللفظِ كقولِه :

4350 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** . . . . . . . . . . أتى مِنْ دُونِها النَّأْيُ والبُعْدُ

وقرأ الأعرج " مُلِيَتْ " بياءٍ صريحةٍ دونَ همزةٍ . ومقاعِد جمعُ مَقْعَد اسمَ مكان .