تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

الآية8 : وقوله تعالى : { وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا } فجائز أن يكون لمسهم السماء ليجدوا أبوابها ، فيدخلوا فيها للاستماع ، إذ أخبارها ليست في جملة آفاق السماء ولا أبوابها محيطة بجملة السماء ، فكانوا يلمسونها ليظفروا بأبوابها .

وجائز أن يكون أريد من لمس أبوابها ليفتحوها{[22274]} ، فيدخلوا فيها ، فيستمعوا{[22275]} إلى الأخبار .

وقوله تعالى : { فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا } فجائز أن تكون بعض الأبواب ملئت من الحرس ، وبعضها من الشهب . فإن أتوا إلى الأبواب التي ملئت من الحرس دفعتهم الحرس ، وطردتهم ، وإن أتوا إلى الأبواب التي ملئت بالشهب تبعتهم الشهب كما قال عز وجل{ ويقذفون من كل جانب }{ دحورا } [ الصافات : 8و 9 ] .

وجائز أن تكون الأبواب كلها مملوءة من الحرس والشهب جميعا لأن الحرس لم يمتحنوا بالحراسة خاصة ، بل امتحنوا[ بها وبغيرها ]{[22276]} من الأعمال .

فجائز أن يكون اشتغالهم بتلك الأعمال يمنعهم من الحرس ، فإذا رأوا [ من يسترق ]{[22277]} السمع في وقت شغلهم تبعتهم[ بالشهب الثاقبة ]{[22278]} وقذفتهم عن مرادهم .

وجائز أن يصعد الجن إلى المكان الذي لا يراهم الملائكة ، ويسمع الجن كلامهم ، لأن المرء قد يتكلم بكلام ، فينتهي صوته إلى حيث لا يراه البصر ، فتكون الشهب تحت الحرس ، فيقذفون عنها بالشهب ، والله أعلم .


[22274]:في الأصل و م: ليفتحوا بها.
[22275]:في الأصل و م: فيستمعون.
[22276]:في الأصل و م: به وبغيره.
[22277]:في الأصل و م: استراق.
[22278]:في الأصل و م: الشهاب الثاقب.