البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

الحرس : اسم جمع ، الواحد حارس ، كغيب واحده غائب ، وقد جمع على أحراس . قال الشاعر :

تجاوزت أحراساً وأهوال معشر

كشاهد وأشهاد ، والحارس : الحافظ للشيء يرقبه .

{ وأنا لمسنا السماء } : أصل اللمس المس ، ثم استعير للتطلب ، والمعنى : طلبنا بلوغ السماء لاستماع كلام أهلها فوجدناها ملئت .

الظاهر أن وجد هنا بمعنى صادف وأصاب وتعدت إلى واحد ، والجملة من { ملئت } في موضع الحال ، وأجيز أن تكون تعدت إلى اثنين ، فملئت في موضع المفعول الثاني .

وقرأ الأعرج : مليت بالياء دون همز ، والجمهور : بالهمز ، وشديداً : صفة للحرس على اللفظ لأنه اسم جمع ، كما قال :

أخشى رجيلاً أو ركيباً عادياً . . .

ولو لحظ المعنى لقال : شداداً بالجمع .

والظاهر أن المراد بالحرس : الملائكة ، أي حافظين من أن تقربها الشياطين ، وشهباً جمع شهاب ، وهو ما يرجم به الشياطين إذا استمعوا .

قيل : ويحتمل أن يكون الشهب هم الحرس ، وكرر المعنى لما اختلف اللفظ نحو :

وهند أتى من دونها النأي والبعد . . .

وقوله : { فوجدناها ملئت } يدل على أنها كانت قبل ذلك يطرقون السماء ولا يجدونها قد ملئت .