الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

أخرج عبد بن حميد في قوله : { وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً } قال : كانت الجن تسمع سمع السماء فلما بعث الله محمداً حرست السماء ومنعوا ذلك ، فتفقدت الجن ذلك من أنفسها . قال : وذكر لنا أن أشراف الجن كانوا بنصيبين من أرض الموصل فطلبوا وصوبوا النظر حتى سقطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يصلي بأصحابه عامداً إلى عكاظ .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في دلائل النبوة عن ابن عباس قال : كان الشياطين لهم مقاعد في السماء يستمعون فيها الوحي ، فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعاً فأما الكلمة فتكون حقاً ، وأما ما زادوا فيكون باطلاً ، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا مقاعدهم ، فذكروا ذلك لإِبليس ، ولم تكن النجوم يرمي بها قبل ذلك ، فقال لهم إبليس : ما هذا الأمر إلا لأمر حدث في الأرض ، فبعث جنوده فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً يصلي بين جبلي نخلة ، فأتوه فأخبروه ، فقال : هذا الحدث الذي حدث في الأرض .

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان للجن مقاعد في السماء يستمعون الوحي ، فبينما هم كذلك إذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم ، فدحرت الشياطين من السماء ورموا بالكواكب ، فجعل لا يصعد أحد منهم إلا احترق ، وفزع أهل الأرض لما رأوا من الكواكب ولم يكن قبل ذلك ، وقال إبليس : حدث في الأرض حدث فأتى من كل أرض بتربة فشمها ، فقال لتربة تهامة : هنا حدث الحدث فصرف إليه نفراً من الجن فهم الذين استمعوا القرآن .

وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : لم تكن سماء الدنيا تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام ، وكانوا يقعدون منها مقاعد للسمع ، فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم حرست السماء شديداً ورجمت الشياطين ، فانكروا ذلك ، فقالوا : { لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً } فقال إبليس : لقد حدث في الأرض حدث ، فاجتمعت إليه الجن ، فقال : تفرقوا في الأرض فأخبروني ما هذا الحدث الذي حدث في السماء ؟ وكان أول بعث بعث ركب من أهل نصيبين ، وهم أشراف الجن وساداتهم ، فبعثهم إلى تهامة ، فاندفعوا حتى بلغوا الوادي وادي نخلة فوجدوا نبي الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الغداة ، ولم يكن نبي الله صلى الله عليه وسلم علم أنهم استمعوا إليه ، وهو يقرأ القرآن ، فلما قضى يقول : لما فرغ من الصلاة ولوا إلى قومهم منذرين يقول : مؤمنين .

وأخرج الواقدي وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عمرو قال : لما كان اليوم الذي تنبأ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم منعت الشياطين من السماء ورموا بالشهب .

وأخرج الواقدي وأبو نعيم عن أبيّ بن كعب قال : لم يرم بنجم منذ رفع عيسى حتى تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى بها .