النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

{ وأنا لَمسْنا السّماءَ } فيه وجهان :

أحدهما : طلبنا السماءَ ، والعرب تعبر عن الطلب باللمس تقول جئت ألمس الرزق وألتمس الرزق .

الثاني : قاربنا السماء ، فإن الملموس مقارَب .

{ فوَجدْناها } أي طرقها .

{ مُلئتْ حَرَساً شديداً } هم الملائكة الغلاظ الشداد .

{ وشُهُباً } جمع شهاب وهو انقضاض{[3101]} الكواكب المحرقة لهم عند استراق السمع ، واختلف في انقضاضها في الجاهلية قبل مبعث الرسول الله صلى الله عليه وسلم على قولين :

أحدهما : أنها كانت تنقض في الجاهلية ، وإنما زادت بمبعث الرسول إنذاراً بحاله ، قال أوس بن حجر ، وهو جاهلي :

فانقضّ كالدُّرِّيِّ يَتْبَعهُ *** نقعٌ يثورُ تخالُهُ طُنُباً{[3102]}

وهذا قول الأكثرين .

الثاني : أن الانقضاض لم يكن قبل المبعث وإنما أحدثه الله بعده ، قال الجاحظ : وكل شعر روي فيه فهو مصنوع .


[3101]:انقضاض: هكذا بالأصل. ولعل الصواب: وهو ما ينقض من الكواكب.
[3102]:الشاعر يصف فرسا بشدة العدو والسرعة. وقوله يتبعه: أي يتبع الفرس غبار تظنه حبلا حواشي الكشاف 4/ 501.