التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

قوله تعالى : { وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشبها 8 وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا 9 وأنا لا ندري أشرّ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا } .

ذلك إخبار من الله عن الجن حين بعث رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم للعالمين وأنزل عليه القرآن وكان من حفظ الله لكتابه الحكيم أن السماء قد ملئت حرسا وشهبا من كل أرجائها وطردت منها الشياطين كيلا يسترقوا شيئا من أخبار السماء فيلقوه على ألسنة الكهنة فيلتبس الأمر على الناس ويختلط ، فلا يدرون الصادق من الكاذب .

وهو قوله : { وأنا لمسنا السماء } وهذا من قول الجن . يعني طلبنا أخبار السماء كما كنا نطلبها في العادة { فوجدناها ملئت حرسا شديدا } جملة { ملئت } في موضع نصب على الحال . وحرسا ، مفعول ثان لملئت ، وهو جمع ومفرده حارس . يعني ملئت السماء من سائر أطرافها وأنحائها حراسا من الملائكة أشداء أقوياء يحفظونها من استراق الشياطين { وشبها } جمع شهاب وهو الشعلة الساطعة من النار{[4654]} فقد كانت الملائكة ترجمهم بالشهب الحارقة منعا لهم من الاستماع . أو كانت تنقضّ عليهم قذائف من نار الكواكب لتحرقهم وتحول بينهم وبين استراق السمع .


[4654]:مختار الصحاح ص 349.