{ وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب } جاءت هذه القصة بلفظ الاستفهام تنبيها للمخاطب ودلالة على أنها من الأخبار العجيبة التي ينبغي أن يلقى البال لها والخصم يقع على الواحد ، والاثنين والجماعة كقولك : عدل وزور واتفق الناس على أن هؤلاء الخصم كانوا ملائكة ، وروي : أنهما جبريل وميكائيل بعثهما الله ليضرب بهما المثل لداود في نازلة وقع هو في مثلها ، فأفتى بفتيا هي واقعة عليه في نازلته ولما شعر وفهم المراد أناب واستغفر ، وسنذكر القصة بعد هذا ، ومعنى تسوروا المحراب علوا على سوره ودخلوه ، والمحراب الموضع الأرفع من القصر أو المسجد وهو موضع التعبد ، ويحتمل أن يكون المتسور المحراب اثنين فقط ، لأن نفس الخصومة إنما كانت بين اثنين فقط فتجيء الضمائر في تسوروا ودخلوا ، وفزع منهم : على وجه التجوز والعبارة عن الاثنين بلفظ الجماعة ، وذلك جائز على مذهب من يرى أن أقل الجمع اثنان ، ويحتمل أنه جامع كل واحد من الخصمين جماعة فيقع على جميعهم خصم ، وتجيء الضمائر المجموعة حقيقة ، وعلى هذا قول الزمخشري .
ولما كان السياق للتدريب على الصبر والتثبيت الشافي والتدبر التام والابتلاء لأهل القرب ، وكان المظنون بمن أوتي فصل الخطاب أن لا يقع له لبس في حكم ولا عجلة في أمر ، وكان التقدير : هل أتتك هذه الأنباء ، عطف عليه - مبيناً عواقب العجلة معلماً أن على من أعطى المعارف أن لا يزال ناظراً إلى من أعطاه ذلك سائلاً له التفهيم ، استعجازاً لنفسه متصوراً لمقام العبودية التي كرر التنبيه عليها في هذه السورة بنحو قوله : " نعم العبد " قوله في سياق ظاهره الاستفهام وباطنه التنبيه على ما في ذلك من الغرابة والعجب لتعظم الرغبة في سماعه فيوغي حق الوعي ( وهل اتاك نبأ الخصم ) أي خبره العظيم جداً ، وأفرده وإن كان المراد الجمع دلالة على أنهم على كلمة واحدة في إظهار الخصومة لا يظهر لأحد منهم أنه متوسط مثلاً ونحو ذلك .
ولما كان الخصم مصدراً يقع على الواحد فما فوقه ذكراً كان أو أنثى ، وكان يصح تسمية ربقة المتخاصمين خصماً لأنهم في صورة الخصم قال : { إذا } أي خبر تخاصمهم حين { تسوروا } أي صعدوا السور ونزلوا من هم ومن معهم ، آخذاً من السور وهو الوثوب { المحراب * } أي أشرف ما في موضع العبادة الذي كان داود عليه السلام به ، وهو كناية عن أنهم جاؤوه في يوم العبادة ومن غير الباب ، فخالفوا عادة الناس في الأمرين ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.