التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلۡكَرِيمِ} (6)

{ يا أيها الإنسان } خطاب لجنس بني آدم .

{ ما غرك بربك الكريم } هذا توبيخ وعتاب معناه أي : شيء غرك بربك حتى كفرت به أو عصيته أو غفلت عنه فدخل في العتاب الكفار وعصاة المؤمنين ومن يغفل عن الله في بعض الأحيان من الصالحين . وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ما غرك بربك الكريم فقال : " غره جهله " وقال عمر : غره جهله وحمقه وقرأ إنه كان ظلوما جهولا ، وقيل : غره الشيطان المسلط عليه ، وقيل : غره ستر الله عليه وقيل : غره طمعه في عفو الله عنه ولا تعارض بين هذه الأقوال لأن كل واحد منها مما يغر الإنسان إلا أن بعضها يغر قوما وبعضها يغر قوما آخرين فإن قيل : ما مناسبة وصفه بالكريم هنا للتوبيخ على الغرور ؟ فالجواب : أن الكريم ينبغي أن يعبد ويطاع شكرا لإحسانه ومقابلة لكرمه ومن لم يفعل ذلك فقد كفر النعمة وأضاع الشكر الواجب .