تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ إِنِّي لَكُمۡ نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (25)

يخبر تعالى عن نوح ، عليه السلام ، وكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض من المشركين عَبَدة الأصنام أنه قال لقومه : { إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي : ظاهر النّذَارَة لكم من عذاب الله إن أنتم عبدتم غير الله ؛ ولهذا قال : { أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ } وقوله { إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ } أي إن استمررتم على ما أنتم عليه عَذَّبكم الله عذابا أليما مُوجعًا شاقًا في الدار الآخرة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ إِنِّي لَكُمۡ نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (25)

هذه آية قصص فيه تمثيل لقريش وكفار العرب وإعلام محمد صلى الله عليه وسلم ببدع من الرسل . وروي أن نوحاً عليه السلام أول رسول إلى الناس . وروي أن إدريس نبي من بني آدم إلا أنه لم يرسل ، فرسالة نوح إنما كانت إلى قومه كسائر الأنبياء ، وأما الرسالة العامة فلم تكن إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم .

وقرأ نافع وابن عامر وحمزة «إني » بكسر الألف ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي «أني » بفتح الألف . فالكسر على إضمار القول ، والمعنى : قال لهم : { إني لكن نذير مبين } ، ثم يجيء قوله { أن لا تعبدوا } محمولاً ل { أرسلنا } ، أي أرسلنا نوحاً بأن لا تعبدوا إلا الله ، واعترض اثناء الكلام بقوله : { إني لكم نذير مبين } ، وفتح الألف على إعمال { أرسلنا } في «أن » أي بأني لكم نذير . قال أبو علي : وفي هذه القراءة خروج من الغيبة إلى المخاطبة .

قال القاضي أبو محمد : وفي هذا نظر ، وإنما هي حكاية مخاطبته لقوله ، وليس هذا حقيقة الخروج من غيبة إلى مخاطبة ، ولو كان الكلام : أن أنذرهم ونحوه لصح ذلك .

و «النذير » المحفظ من المكاره بأن يعرفها وينبه عليها و { مبين } من أبان يبين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ إِنِّي لَكُمۡ نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (25)

انتقال من إنذار المشركين ووصف أحوالهم وما ناسب ذلك إلى موعظتهم بما أصاب المكذبين قبلهم من المصائب ، وفي ذلك تسلية للنبيء صلى الله عليه وسلم بما لاقاه الرّسل عليهم السّلام قبله من أقوامهم .

فالعطف من عطف القصة على القصة وهي التي تسمى الواو الابتدائية .

وأكدت الجملة بلام القسم و { قد } لأن المخاطبين لما غفلوا عن الحذر مما بقوم نوح مع مماثلة حالهم نزلوا منزلة المنكر لوقوع رسالته .

وقرأ نافع ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة { إني } بكسر الهمزة على أنه محكي بفعل قول محذوف في محل حال ، أي قائلاً .

وقرأه ابن كثير ، وأبو عَمرو ، والكسائي ، وأبو جعفر ، ويعقوب ، وخلف بفتح الهمزة على تقدير حرف جرّ وهو الباء للملابسة ، أي أرسلناه متلبساً بذلك ، أي بمعنى المصدر المنسبك من ( أني نذير ) ، أي متلبساً بالنذارة البيّنة .

وتقدم الكلام على نوح عليه السلام وقومه عند قوله تعالى : { إن الله اصطفى آدم ونوحاً } في آل عمران ( 33 ) . وعند قوله : { لقد أرْسلْنا نُوحاً إلى قوْمه } في سورة الأعراف ( 59 .