روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ إِنِّي لَكُمۡ نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (25)

ثم إنه تعالى شرع في ذكر قصص الأنبياء الداعين إلى الله تعالى وبيان حالهم مع أممهم ليزداد صلى الله عليه وسلم تشميراً في الدعوة وتحملا لما يقاسيه من المعاندين ، فقال عز من قائل : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إلى قَوْمِهِ } الواو ابتدائية واللام واقعة في جواب قسم محذوف ويقدر حرفه ياء لا واو وإن كان هو الشائع لئلا يجتمع واوان ، وبعضهم يقدرها ولا يبالي بذلك .

ونوح في المشهور ابن لمك بن متوشبخ بن إدريس عليه السلام وأنه أول نبي بعث بعده قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : بعث عليه السلام على رأس أربعين من عمره ولبث يدعو قومه ما قص الله تعالى ألف سنة إلا خمسين عاماً ؛ وعاش بعد الطوفان ستين سنة وكان عمره ألفا وخمسين سنة . وقال مقاتل : بعث وهو ابن مائة سنة ، وقيل : ابن خمسين ، وقيل : ابن مائتين وخمسين ومكث يدعو قومه ما قص سبحانه وعاش بعد الطوفان مائتين وخمسين سنة فكان عمره ألفا وأربعمائة وخمسين سنة { إِنَّى لَكُمْ نَذِيرٌ } بالكسر على إرادة القول أي فقال أو قائلا .

وقرأ ابن كثير . وأبو عمرو . والكسائي بالفتح على إضمار حرف الجر أي ملتبساً بذلك الكلام وهو { إِنَّى لَكُمْ نَذِيرٌ } فلما اتصل الجار فتح كما فتح في كان ، والمعنى على الكسر وهو قولك : إن زيداً كالأسد بناءاً على أن كان مركبة وليست حرفاً برأسه ، وليس في ذلك خروج من الغيبة إلى الخطاب خلافاً لأبي علي ، ولعل الاقتصار على ذكر كونه عليه السلام نذيراً لأنهم لم يغتنموا مغانم إبشاره عليه السلام { مُّبِينٌ } أي موضح لكم موجبات العذاب ووجه الخلاص منه .