قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } الآية .
اعلم أنَّه جرت عادته - تعالى - في القرآن بأنَّهُ إذا أورد على الكافر الدَّلائل أتبعها بالقصص ليُؤكِّد تلك الدَّلائل ، وقد بدأ بذكر هذه القصَّة ليُؤكِّد تلك الدَّلائل ، وقد بدأ بذكر هذه القصَّة في سورة يونس ، وأعادها ههنا لما فيها من زوائد الفوائد .
قوله { إِنَّي لَكُمْ } قرأ ابنُ كثير{[18747]} وأبو عمرو والكسائي بفتح همزة " إني " ، والباقون بكسرها .
فأمَّا الفتحُ فعلى إضمارِ حرفِ الجرِّ ، أي : " بأنِّي لَكُمْ " .
قال الفارسيُّ : في قراءةِ الفتح خروجٌ من الغيبةِ إلى المخاطبةِ .
قال ابن عطيَّة : وفي هذا نظر ، وإنَّما هي حكايةُ مخاطبته لقومه ، وليس هذا حقيقة الخروج من غيبةٍ إلى مخاطبة ، ولو كان الكلامُ أن أنذرهم ونحوه لصحَّ ذلك .
وقد قال بهذه المقالة - أعني الالتفات - مكي - فإنَّهُ قال : الأصل : بأنِّي ، والجارُّ والمجرور في موضع المفعول الثاني ، وكان الأصلُ : أنَّهُ ، لكنَّهُ جاء على طريق الالفتات .
ولكن هذا الالتفات غيرُ الذي ذكره أبو علي ، فإنَّ ذلك من غيبة إلى خطابٍ ، وهذا من غيبةٍ إلى تكلم وكلاهما غير محتاج إليه ، وإن كان قولُ مكي أقربَ .
وقال الزمخشري{[18748]} : الجارُّ والمجرور صلةٌ لحالٍ محذوفة ، والمعنى : أرسلناه ملتبساً بهذا الكلام ، وهو قوله : { إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } بالكسر ، فلمَّا اتصل بها الجارُّ فُتِح كما فتح " كأنَّ " والمعنى على الكسر في قولك " إنَّ زيداً كالأسد " ، وأمَّا الكسرُ ، فعلى إضمار القول ، أي : فقال ، وكثيراً ما يُضْمر ، وهو غني عن الشَّواهد .
و " النذيرُ " قيل : المرادُ به كونه مهدداً للعصاة بالعقاب ، ومن المبين كونه مبيناً ما أعد الله للمطيعين من الثواب ، وأنه يبين ذلك الإنذار على أكمل طرقه ، ثم بيَّن تعالى أنَّ ذلك الإنذار إنما هو بنهيهم عن عبادة غير الله ، والأمر بعبادته - جل ذكره - ؛ لأنَّ قوله { أَن لاَّ تعبدوا إِلاَّ الله } استثناء من النَّهْي ، فهو يوجب نفي غير المستثنى ، وإيجاب المستثنى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.