تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِذۡ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (8)

{ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا } أي : حلفوا فيما يظنون : والله ليوسف وأخوه - يعنون بنيامين ، وكان شقيقه لأمه - { أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } أي : جماعة ، فكيف أحب ذينك الاثنين أكثر من الجماعة ؛ { إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ } يعنون في تقديمهما علينا ، ومحبته إياهما أكثر منا .

واعلم أنه لم يقم دليل على نبوة إخوة يوسف ، وظاهر هذا السياق يدل على خلاف ذلك ، ومن الناس من يزعم أنهم أوحي إليهم بعد ذلك ، وفي هذا نظر . ويحتاج مُدّعي ذلك إلى دليل ، ولم يذكروا سوَى قوله تعالى : { قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ } [ البقرة : 136 ] ، وهذا فيه احتمال ؛ لأن بطون بني إسرائيل يقال لهم : الأسباط ، كما يقال للعرب : قبائل ، وللعجم : شعوب ؛ يذكر تعالى أنه أوحى إلى الأنبياء من أسباط بني إسرائيل ، فذكرهم إجمالا لأنهم كثيرون ، ولكن كل سبط من نسل رجل من إخوة يوسف ، ولم يقم دليل على أعيان هؤلاء أنهم أوحي إليهم ، والله أعلم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذۡ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (8)

وقوله : { وأخوه } يريدون به : يامين - وهو أصغر من يوسف - ويقال له : بنيامين ، وقيل : كان شقيق يوسف وكانت أمهما ماتت ، ويدل على أنهما شقيقان تخصيص الأخوة لهما ب { أخوة } وهي دلالة غير قاطعة وكان حب يعقوب ليوسف عليه السلام ويامين لصغرهما وموت أمهما ، وهذا من حب الصغير هي فطرة البشر ؛ وقد قيل لابنة الحسن : أي بنيك أحب إليك ؟ قالت : الصغير حتى يكبر والغائب حتى يقدم ، والمريض حتى يفيق .

وقولهم : { ونحن عصبة } أي نحن جماعة تضر وتنفع ، وتحمي وتخذل{[6568]} ، أي لنا كانت تنبغي المحبة والمراعاة . و «العصبة » في اللغة : الجماعة ، قيل : من عشرة إلى خمسة عشر ، وقيل : من عشرة إلى أربعين ، وقال الزجاج : العشرة ونحوهم ، وفي الزهراوي : الثلاثة : نفر - فإذا زادوا فهم : رهط إلى التسعة ، فإذا زادوا فهم : عصبة ، ولا يقال لأقل من عشرة : عصبة . وقولهم : { لفي ضلال مبين } أي لفي اختلاف وخطأ في محبة يوسف وأخيه ، وهذا هو معنى الضلال ، وإنما يصغر قدره أو يعظم بحسب الشيء الذي فيه يقع الائتلاف . و { مبين } معناه : يظهر للمتأمل .

وقرأ أبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة «مبين اقتلوا » بكسر التنوين في الوصل لالتقاء ساكن التنوين والقاف ، وقرأ نافع وابن كثير والكسائي «مبين اقتلوا » بكسر النون وضم إتباعاً لضمة التاء ومراعاة لها .


[6568]:كان عددهم أحد عشر رجلا، وهم: روبيل- وهو أكبرهم، ويقال: روبين بالنون- وشمعون، ولاوي، ويهوذا، وزبالون، ويساخر، فهؤلاء ستة أمهم ليا بنت ليان، وهي بنت خال يعقوب، وولد له من سريتين أربعة هم: دان، ونفتالي، وجاد، وآشر، ثم توفيت (ليا) فتزوج يعقوب أختها راحيل، فولدت له يوسف وبنيامين . وأم يعقوب اسمها (رفقا)، وراحيل ماتت في نفاس بنيامين.