تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ} (41)

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الربيع الزَّهْرَاني ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب وهشام ، عن محمد قال : قال عثمان بن عفان : فينا نزلت : { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ } ، فأخرجنا من ديارنا بغير حق ، إلا أن قلنا : " ربنا الله " ، ثم مُكنّا في الأرض ، فأقمنا الصلاة ، وآتينا الزكاة ، وأمرنا بالمعروف ، ونهينا عن المنكر ، ولله عاقبة الأمور ، فهي لي ولأصحابي .

وقال أبو العالية : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

وقال الصباح بن سوادة الكندي : سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب وهو يقول : { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ } الآية ، ثم قال : إلا أنها ليست على الوالي وحده ، ولكنها على الوالي والمولى عليه ، ألا أنبئكم بما لكم على الوالي من ذَلكم ، وبما للوالي عليكم منه ؟ إن لكم على الوالي من ذلكم أن يؤاخذكم بحقوق الله عليكم ، وأن يأخذ لبعضكم من بعض ، وأن يهديكم للتي هي أقوم ما استطاع ، وإن عليكم من ذلك الطاعة غير المبزوزة ولا المستكرهة ، ولا المخالف سرها علانيتها .

وقال عطية العوفي : هذه الآية كقوله : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ [ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ] {[20317]} } [ النور : 55 ] .

وقوله : { وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ } ، كقوله تعالى { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [ القصص : 83 ] .

وقال زيد بن أسلم : { وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ } : وعند الله ثواب ما صنعوا .


[20317]:- زيادة من أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ} (41)

{ الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر } وصف للذين أخرجوا وهو ثناء قبل بلاء ، وفيه دليل على صحة أمر الخلفاء الراشدين إذ لم يستجمع ذلك غيرهم من المهاجرين . وقيل بدل ممن ينصره . { ولله عاقبة الأمور } فإن مرجعها إلى حكمه ، وفيه تأكيد لما وعده .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ} (41)

قالت فرقة : هذه الآية في الخلفاء الأربعة ومعنى هذا التخصيص أن هؤلاء خاصة مكنوا في الأرض من جملة الذين يقاتلون المذكورين في صدر الآية ، والعموم في هذا كله أبين وبه يتجه الأمر في جميع الناس ، وإنما الآية آخذة عهداً على كل من مكنه الله ، كل على قدر ما مكن ، فأما { الصلاة } و { الزكاة } فكل مأخوذ بإقامتها وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكل بحسب قوته والآية أمكن ما هي في الملوك ، و { المعروف } و { المنكر } يعمان الإيمان والكفر دونهما ، وقالت فرقة : نزلت هذه الاية في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة من الناس وهذا على أن { الذين } بدل من قوله { يقاتلون } [ الحج : 39 ] أو على أن { الذين } تابع ل { من } في قوله { من ينصره } [ الحج : 40 ] ، وقوله { ولله عاقبة الأمور } توعد للمخالف عن هذه الأوامر التي تقتضيها الآية لمن مكن .