البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ} (41)

والظاهر أنه يجوز في إعراب { الذين إن مكناهم في الأرض } ما جاز في إعراب { الذين أخرجوا } وقال الزجاج : هو منصوب بدل ممن ينصره ، والتمكين السلطنة ونفاذ الأمر على الخلق ، والظاهر أنه من وصف المأذون لهم في القتال وهم المهاجرون ، وفيه إخبار بالغيب عما يكون عليه سيرتهم إن مكن لهم في الأرض وبسط لهم في الدنيا ، وكيف يقومون بأمر الدين .

وعن عثمان رضي الله عنه : هذا والله ثناء قبل بلاء ، يريد أن الله قد أثنى عليهم قبل أن يحدثوا من الخير ما أحدثوا ، وقالوا : فيه دليل على صحة أمر الخلفاء الراشدين لأن الله تعالى لم يجعل التمكن ونفاذ الأمر مع السيرة العادلة لغيرهم من المهاجرين لا حظ في ذلك للأنصار والطلقاء .

وفي الآية أخذ العهد على من مكنه الله أن يفعل ما رتب على التمكين في الآية .

وقيل : نزلت في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

وعن الحسن وأبي العالية : هم أمّته عليه السلام .

وعن عكرمة : هم أهل الصلوات الخمس ، وهو قريب مما قبله .

وقال ابن أبي نجيح : هم الولاة .

وقال الضحاك : هو شرط شرطه الله من آتاه الملك .

وقال ابن عباس : المهاجرون والأنصار والتابعون { ولله عاقبة الأمور } توعد للمخالف ما ترتب على التمكين