تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ} (41)

الآية 41 : وقوله تعالى : { الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة } إلى آخره . قال بعضهم : هذا نعت من الله سبحانه وتعالى لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه ، ومدح لهم بالدوام على دين الله الذي{[13129]} قبلوه ، وأخذوه في حال الخوف ، بعدما مكن لهم في الأرض ، وأمنهم من ذلك الخوف الذي كان في الابتداء . وأخبر أنهم داموا على ذلك ، ولم يتركوا ما كانوا عليه ، بل زاد لهم حرصا على ذلك جهدا .

وكذلك الآية التي ذكر في سورة النور ، وهو قوله : { وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض } إلى آخر الآية ( 55 ) .

فإن كان التأويل هذا فهو يرد على الروافض قولهم ومذهبهم لأنهم يقولون : إنه لما ولي أبو بكر ارتدوا جميعا وتركوا الدين الذي اختاروه . فالآيتان تدلان على نقض قولهم : إنهم ارتدوا لأن الله سبحانه وتعالى أخبر أنه ممكن لهم في الأرض ، واستخلفهم ووعد لهم الجنة . وإنما ارتد من كان إسلامه بالقهر والغلبة ، فإذا مكن لهم تركوا ذلك .

وقال بعضهم : إن الآية ، وإن كان ظاهرها خبرا فهي في الحقيقة أمر : أن افعلوا كذا إلى آخر ما ذكر . وهو كقوله( { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة }الآية ( البقرة : 277 ) ){[13130]} .

وقوله تعالى : { ولله عاقبة الأمور } يحتمل قوله : { ولله عاقبة الأمور }أي ترجع إليه الأمور في الآخرة كقوله{ وإلى الله ترجع الأمور }( البقرة : 210 ) .

وجائز أن تكون عاقبة الأمور لأوليائه من النصر والقهر على أعدائه . فالمراد بالإضافة إليه أولياؤه كقوله : { إن تنصروا الله ينصركم }( محمد : 7 ) أي إن تنصروا أولياءه ، أو تنصروا دينه ينصركم ، والله : أعلم .


[13129]:في الأصل وم: الذين.
[13130]:ساقطة من الأصل وم.