إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ} (41)

{ الذين إِنْ مكناهم في الأرض أَقَامُواْ الصلاة وَآتَوُاْ الزكاة وَأَمَرُواْ بالمعروف وَنَهَوْاْ عَنِ المنكر } وصفٌ من الله عزَّ وجلَّ للذين أُخرجوا من ديارِهم بما سيكون منهم من حسن السِّيرةِ عند تمكينه تعالى إيَّاهُم في الأرض وإعطائه إيَّاهم زمامَ الأحكامِ منبئ عن عِدَّةٍ كريمة على أبلغ وجهٍ وألطفِه . وعن عثمانَ رضي الله عنه هذا واللَّهِ ثناءٌ قبل بلاءٍ . يُريد أنَّه تعالى أثنى عليهم قبلَ أنْ يُحدثوا من الخيرِ ما أحدثوا . قالُوا وفيه دليلٌ على صحَّة أمر الخلفاءِ الرَّاشدينَ لأنَّه تعالى لم يعطِ التَّمكينَ ونفاذَ الأمرِ مع السِّيرةِ العادلةِ غيرهم من المهاجرين ولا حظَّ في ذلك للأنصارِ والطُّلقاءِ . وعن الحسنِ رحمه الله هم أمةُ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم . وقيل الذينَ بدلٌ من قولهِ مَنْ ينصرُه { وَللَّهِ } خاصَّةً { عاقبة الأمور } فإنَّ مرجعَها إلى حُكمهِ وتقديره فقط . وفيه تأكيدٌ للوعد بإظهار أوليائِه وإعلاءِ كلمتهِ .