اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ} (41)

قوله : { الذين إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ } يجوز في هذا الموصول ما جاز في الموصول قبله{[31406]} ويزيد هذا عليه بأنه يجوز أن يكون بدلاً من «مَنْ يَنْصُرُه » ذكره الزجاج{[31407]} أي : ولينصرن الله الذين إن مكناهم ، و «إنْ مَكَّنَّاهم » شرط و «أقاموا » جوابه ، والجملة الشرطية بأسرها صلة الموصول{[31408]} .

فصل

لما ذكر الذين أذن لهم في القتال وصفهم في هذه الآية فقال : { الذين إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرض } والمراد من هذا التمكن السلطنة ونفاذ القول على الخلق{[31409]} أي : نصرناهم على عدوهم حتى تمكنوا من البلاد . قال قتادة{[31410]} : هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - المهاجرون لأن الأنصار لم يخرجوا من ديارهم فوصفهم بأنهم أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ، ثم قال { وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمور } أي : آخر أمور الخلق ومصيرهم أي : يبطل كل ملك سوى ملكه ، فتصير الأمور له بلا منازع {[31411]} .


[31406]:في قوله تعالى: {الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق} [الحج: 40] التبيان 2/944، البحر المحيط 6/376.
[31407]:معاني القرآن وإعرابه 3/431، وانظر مشكل إعراب القرآن 2/100، الكشاف 3/35، تفسير ابن عطية 10/295، البيان 2/177.
[31408]:انظر البيان 2/177.
[31409]:الفخر الرازي 23/42.
[31410]:من هنا نقله عن البغوي 5/595.
[31411]:آخر ما نقله عن البغوي 5/595.