قال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال سُكَين وعَديّ بن زيد : يا محمد ، ما نعلم أن الله أنزل{[8720]} على بشر من شيء بعد موسى . فأنزل الله في ذلك من قولهما : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ } إلى آخر الآيات .
وقال ابن جرير : حدثنا الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا أبو مَعْشر ، عن محمد بن كعب القرظي قال : أنزل الله : { يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنزلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ } إلى قوله { وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا } فما تلاها عليهم - يعني على اليهود - وأخبرهم بأعمالهم الخبيثة ، جحدوا كل ما أنزل الله وقالوا : ما أنزل الله على بشر من شيء ، ولا موسى ولا عيسى ، ولا على نبي من شيء . قال : فحَلّ حُبْوته ، وقال : ولا على أحد . . فأنزل الله عز وجل : { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ } [ الأنعام : 91 ] .
وفي هذا الذي قاله محمد بن كعب القرظي نظر ؛ فإن هذه الآية مكية في سورة الأنعام ، وهذه الآية التي في سورة النساء مدنية ، وهي رد عليهم لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابًا من السماء ، قال الله تعالى { فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ } [ النساء : 153 ] ، ثم ذكر فضائحهم ومعايبهم وما كانوا عليه ، وما هم عليه الآن من الكذب والافتراء . ثم ذكر تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم كما أوحى إلى غيره من الأنبياء المتقدمين ، فقال : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا }
والزبور : اسم الكتاب الذي أوحاه الله إلى داود ، عليه السلام ، وسنذكر ترجمة كل واحد من هؤلاء الأنبياء ، عليهم من الله [ أفضل ]{[8721]} الصلاة والسلام ، عند قصصهم في السور الآتية ، إن شاء الله ، وبه الثقة ، وعليه التكلان .
{ إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده } جواب لأهل الكتاب عن اقتراحهم أن ينزل عليهم كتابا من السماء ، واحتجاج عليهم بأن أمره في الوحي كسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . { وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان } خصهم بالذكر مع اشتمال النبيين عليهم تعظيما لهم ، فإن إبراهيم أول أولي العزم منهم وعيسى آخرهم ، والباقين أشرف الأنبياء ومشاهيرهم . { وآتينا داود زبورا } وقرأ حمزة { زبورا } بالضم وهو جمع زبر . بمعنى مزبور .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.