اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{۞إِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ كَمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ نُوحٖ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَٰرُونَ وَسُلَيۡمَٰنَۚ وَءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ زَبُورٗا} (163)

قوله تعالى : { إِنَّا أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ [ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ{[10333]} ] وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً }*{ وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً }*{ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } .

لما حَكَى أن اليَهُود يَسْألُون الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أنْ يُنَزِّل عَلَيْهِم كِتَاباً من السَّمَاءِ ؛ وذكر - تعالى - بَعْدَهُ أنَّهُم لا يَطْلُبُون ذَلِك اسْتِرشاداً ، ولكن عِناداً ، وحَكَى أنْواع فَضَائِحِهم وقَبَائِحِهم ، فلما وصل إلى هذا المَقَامِ ، شرع الآن في الجواب عن تلك الشُّبْهَة ؛ فقال : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ } . والمَعْنَى : أنّا تَوافَقْنَا على نُبُوَّة نُوحٍ وإبراهيمَ وإسماعيل وجميع المَذْكُورين ، على أنَّ الله - تعالى - أوحَى إليهم ، ولا طَريقَ إلى العِلْم بكَوْنِهِم أنْبِيَاء الله وَرُسُلِهِ إلا المُعْجِزَاتِ ، ولكُلِّ واحدٍ مِنْهُم نوْعٌ من المُعْجِزَة مُعَيَّنَة ، وأما أنْزلَ الله على كُلِّ وَاحِدٍ من هؤلاء المذكورين [ كِتَاباً بتَمَامِهِ ؛ مثل ما أنْزَلَ على مُوسَى ، فلما لم يَكُن عَدَمُ إنْزَالِ الكِتَابِ على هؤلاء ]{[10334]} دفْعَةً واحِدَةً قَادِحاً في نُبُوَّتِهِم ، بل كفى في ظُهُور نُبُوَّتِهم نَوْعٌ واحدٌ من أنْوَاعِ المُعْجِزَاتِ ، عَلِمْنَا أن هذه الشُّبْهَة زَائِلَة ، وأن إصْرَار اليَهُود على طَلَبِ المُعْجِزَةِ باطِلٌ ؛ لأن إثْبات المدْلُولِ يَتَوَقَّفُ على إثبَاتِ{[10335]} الدَّلِيل ، فإذا حَصَل الدَّليلُ وتَمَّ ، فالمُطَالَبَةُ بِدَلِيل آخر يَكُون تَعَنُّتاً ولَجَاجاً .

قوله سبحانه : { كَمَا أَوْحَيْنَا } : الكافُ نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ ، أي : إيحاءً مثْلَ إيحَائِنَا ، أو على أنه حالٌ من ذلك المصدر المحذوف المقدَّرِ معرَّفاً ، أي : أوحينَاهُ ، أي : الإيحاءَ حال كونه مُشْبِهاً لإيحَائِنَا إلى مَنْ ذكر ، وهذا مذهبُ سيبويه{[10336]} ، وقد تقدَّم تحقيقه ، وفي " ما " وجهان : أن تكون مصدريةً ؛ فلا تفتقر إلى عائدٍ على الصحيح ، وأن تكون بمعنى " الذي " ، فيكون العائدُ محذوفاً ، أي : كالذي أوحيناهُ إلى نوح ، و " مِنْ بعْدِهِ " متعلقٌ ب " أوْحَيْنَا " ، ولا يجوز أن تكون " مِنْ " للتبيين ؛ لأنَّ الحالَ خبرٌ في المعنى ، ولا يُخْبَرُ بظرفِ الزمانِ عن الجثَّة إلا بتأويلٍ ، وأجاز أبو البقاء{[10337]} أن يتعلَّق بنفس " النَّبيِّينَ " ، يعني أنه في معنى الفعل ؛ كأنه قيل : " وَالَّذِينَ تَنَبَّئُوا من بَعْدِهِ " وهو معنى حَسَنٌ .

فصل لماذا ذكر نوح - عليه السلام - أولاً

قالوا : إنَّما بَدَأ - تعالى - بذِكْرِ نُوحٍ ؛ لأنه كان أبا البَشَرِ مِثْل آدم - عليه السلام - ، قال : { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ } [ الصافات : 77 ] ؛ ولأنَّه أول نَبِيٍّ شرحَ الله على لِسَانِه الأحْكَام ، وأوَّل نَذِيرٍ على الشِّرْك ، وأوَّل من عُذِّبَتْ أمَّته لردِّهم دَعْوَتَه ، وأهْلِك{[10338]} أهْلُ الأرْضِ بدُعَائِهِ ، وكان أطْوَل الأنْبِيَاءِ عُمُراً ، وجُعِلَت مُعْجِزَتُه في نَفْسِهِ ، لأنَّه عمر ألْفَ سَنَةٍ ، فلم تَنْقُص له سِنٌّ ، ولم تَشِبْ له شَعْرَةٌ ، ولم تَنْتقصْ له قُوَّة ، ولم يَصْبِر أحَدٌ على أذَى قَوْمِهِ مِثْل ما صَبَر هُو على طُولِ عُمُرِه .

فصل

قوله [ - تعالى - ]{[10339]} { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ } ثم خصَّ بعض النَّبِييِّن بالذِّكْرِ ؛ لكونهم أفْضَلَ من غَيْرهم ؛ كقوله : { وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ } [ البقرة : 98 ] .

واعْلَم أنَّه ذكر في هذه الآية اثْنَا عشرة نَبِيًّا ، ولَمْ يذكُر مُوسَى مَعَهُم ؛ لأن اليَهُود قالُوا : إنْ كُنْتَ يا مُحَمَّد نَبِيًّا [ حَقًّا ]{[10340]} ، فأتِنَا بكتابٍ من السَّماءِ دَفْعَةً واحِدَةً ؛ كما أتى موسى - عليه الصلاة والسلام - بالتَّوْرَاةِ دفعةً واحدةً ؛ فأجَابَ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَة بأنَّ هؤلاء الأنْبِيَاءِ الاثْنَي عشر ، كانوا أنْبِيَاءَ وَرسُلاً ، مع أنَّ واحداً منهم لم يأتِ بكتاب مثل التَّوْراةِ دفْعَةً واحِدَةً .

وإذَا كَانَ المَقْصُود من تعديده هؤلاءِ الأنْبِيَاء هذا المَعْنَى ، لم يجز ذِكْر مُوسَى مَعَهُم .

وفي " يُونُس " ستُّ لغاتٍ{[10341]} ؛ أفصحُها : واوٌ خالصةٌ ، ونون مضمومة ، وهي لغةُ الحجاز ، وحُكِيَ كسرُ النونِ بعد الواو ، وبها قرأ نافع في رواية حبَّان ، وحُكِي أيضاً فتحها مع الواو ، وبها قرأ النَّخعِي ، وهي لغةٌ لبعض عقيل ، وهاتان القراءتان جعلهما بعضهم منقولَتَيْنِ من الفعل المبنيِّ للفاعل أو للمفعول ، جعل هذا الاسم مشتقاً من الأنْسِ ، وإنما أبُدلَتِ الهمزةُ واواً ؛ لسكونها وانضمام ما قبلها ؛ ويدلُّ على ذلك مجيئه بالهمزةِ على الأصل في بعض اللغات ؛ كما سيأتي ، وفيه نظرٌ ، لأن هذا الاسم أعجميٌّ ، وحُكِي تثليث النون مع همز الواو ؛ كأنهم قلبوا الواوَ همزةً ؛ لانضمام ما قبلها ؛ نحو : [ الوافر ]

أحَبُّ المُؤْقِدِينَ إليَّ مُؤْسَى *** . . . {[10342]}

قال شهاب الدين{[10343]} : وقد تقدَّم تقريرُه ، وحُكِيَ أنَّ ضمَّ النون مع الهمز لغةُ بعض بني أسدٍ ، إلا أني لا أعْلَمُ أنه قُرِئَ بشيء من لغات الهمز ، هذا إذا قلنا : إن هذا الاسمَ ليْسَ منقولاً من فِعْل مبنيٍّ للفاعل أو للمفعول حالةَ كَسْر النون أو فتحها ، أمَّا إذا قلنا بذلك ، فالهمزةُ أصليةٌ غيرُ منقلبةٍ من واو ؛ لأنه مشتق من الأنس ، وأمَّا مع ضمِّ النونِ ، فينبغي أن يُقال بأن الهمزة بدلٌ من الواو ؛ لانتفاء الفعلية مع ضم النون .

قوله تعالى : { زَبُوراً } قرأ الجمهورُ بفتح الزاي ، وحمزة{[10344]} بضَمِّها ، وفيه ثلاثةُ أوجه :

أحدها : أنه جمعُ " زَبْرٍ " قال الزمخشريُّ : جمع " زَبْرٍ " ، وهو الكتابُ ، ولم يَذْكر غيره ، يعني أنه في الأصْل مصدرٌ على فعلٍ ، ثم جُمِعَ على فُعُولٍ ، نحو : فَلْسٍ وفُلُوسٍ ، وقَلْسٍ وقُلُوسٍ ، وهذا القول سبقه إليه أبو علي الفارسيُّ في أحد التخريجَيْنِ عنه ، قال أبو عَلِيٍّ : " ويحتمل أن يكون جمع زَبْرٍ وقع على المَزْبُور ، كما قالوا : ضَرْبُ الأميرِ ، ونَسْجُ اليَمَنِ فصار اسماً ، ثم جُمِعَ على زُبُور كشُهُود وشهد ؛ كما سُمِّي المكتوبُ كِتَاباً " ، يعني أبو عليٍّ ؛ أنه مصدرٌ واقعٌ موقع المفعول به ؛ كما مثَّله .

والثاني : أنه جمع " زَبُورٍ " في قراءة العامة ، ولكنه على حَذْفِ الزوائد ، يعني حُذِفت الواوُ منه ، فصار اللفظ : زَبُر ، وهذا التخريجُ الثاني لأبي عليٍّ ، قال أبو عليٍّ : " كما قالوا : ظَرِيفٌ وظُرُوفٌ ، وكَرَوَان وكِرْوان ، وَوَرَشَان ووِرْشَان على تقدير حذف الياء والألف " ، وهذا لا بأس به ؛ فإنَّ التكسير والتصغير يَجْريان غالباً مجرى واحداً ، وقد رأيناهُمْ يُصَغِّرونَ بحذفِ الزوائد نحو : " زُهَيْرٍ وحُمَيْدٍ " في أزْهَرَ ومَحْمُودٍ ، ويسميه النحويون " تصْغير التَّرخيم " ، فكذلك التكسيرُ .

الثالث : أنه اسمٌ مفردٌ ، وهو مصدرٌ جاء على فُعُول ؛ كالدُّخُول ، والقُعُود ، والجُلُوس ، قاله أبو البقاء{[10345]} وغيره ، وفيه نظرٌ ؛ من حيث إن الفُعُولَ يكون مصدراً للازم ، ولا يكون للمتعدِّي إلا في ألفاظ محفوظةٍ ، نحو : اللُّزُومِ والنُّهُوكِ ، وزَبَرَ - كما ترى - متعدٍّ ، فيضعفُ جَعْلُ الفُعُولِ مصدراً له .

قال أهل اللُّغَة{[10346]} : الزَّبُور الكِتَاب ، وكُلُّ كِتَاب زَبُور ، وهُو " فَعُولٌ " بمعنى " مَفْعُول " ؛ كالرَّسُولِ والرَّكُوبِ والحَلُوب ، وأصْلُه من زَبَرْتُ بمعنى كَتَبْتُ ، وقد تقدَّم مَعْنَى هذه المادّة في آل عمران [ آية : 184 ] .

فصل في معنى الآية

معنى { وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } أي : صُحُفاً وكُتُباً مَزْبُورَة ، أي : مَكْتُوبَة ، وكان فيها التَّحْمِيدُ والتَّمْجِيدُ والثَّناءُ على اللَّهِ تعالى .

قال القُرْطُبيُّ{[10347]} - رحمه الله - : الزَّبُورُ كِتَابُ داود - عليه السلام - مائة وخمسين سُورة ، لَيْسَ فيها حُكْمٌ ، ولا حَلالٌ ، ولا حَرَامٌ ، وإنَّما هي{[10348]} حِكمٌ وموَاعِظٌ ، والأصل في الزَّبْرِ التَّوْثِيقُ ؛ فَيُقَال : بِئْرٌ مَزْبُورَة ، أي : مَطْوِيَّةٌ بالحِجَارَةِ ، والكِتَاب يُسَمَّى زَبُوراً ؛ لقوَّة الوثِيقَةِ بِه .

وكان داوُد - عليه الصلاة والسلام - حَسَن الصَّوْتِ ؛ وإذا أخَذَ في قِرَاءةِ الزَّبُورِ ، اجتمع عليه الإنْسُ والجنُّ والطَّيْر والوحشُ ؛ لحُسْنِ صوتِهِ ، وكان مُتَواضِعاً يأكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ في الخوصِ ، فكان يَصْنَعُ الدُّرُوعَ ، فكان أزْرَقَ العَيْنَيْن ، وجَاءَ في الحديث : " الزُّرْقَةُ في العَيْن يُمْنٌ " .

قوله - عزَّ وجلَّ - : { وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ { [ عَلَيْكَ ] }{[10349]} الجمهور على نَصْب " رُسُلاً " ، وفيه ثلاثةُ أوجُه :

أحدها : أنَّه مَنْصُوب على الاشْتِغَالِ ؛ لوجود شُرُوطِهِ ، أيْ : وقَصَصْنا رُسُلاً .

قال القُرْطُبيُّ{[10350]} : ومثلهُ مما أنْشد سِيبَويْهِ : [ المنسرح ]

أصْبَحْتُ لا أحْمِلُ السِّلاحَ ولا *** أمْلِكُ رَأسَ البَعيرِ إنْ نَفَرَا

والذِّئْبَ أخْشَاهُ إنْ مَرَرْتُ بِهِ *** وَحْدِي وَأخْشَى الرِّيَاحَ والمَطَرَا{[10351]}

أي : وأخْشَى الذِّئْبَ ، والمعنى على حَذْف مضاف ، أي : قصصنَا أخبارَهُمْ ، فيكون " قَدْ قَصَصْنَاهُمْ " لا محلَّ له ؛ لأنه مفسِّرٌ لذلك العاملِ المضمَرِ ، ويُقَوِّي هذا الوجه قراءةُ أبَيٍّ{[10352]} : " وَرُسُلٌ " بالرفع في الموضعين ، والنصبُ هنا أرجحُ من الرفع ؛ لأن العطف على جملة فعلية ، وهي : { وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } .

الثاني : أنه منصوب عطفاً على معنى { أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ } ، أي : أرْسَلْنَا ونَبَّأنَا نُوحاً وَرُسُلاً ، وعلى هذا فيكون " قَدْ قَصَصْنَاهُمْ " في محلَّ نصب ؛ لأنه صفةٌ ل " رُسُلاً " .

الثالث : أنه منصوب بإضمار فعلٍ ، أي : وأرسلنا رُسُلاً ؛ وذلك أنَّ الآية نزلَتْ رادَّة على اليهود في إنكارهم إرسال الرسل ، وإنزالَ الوحْيٍ ، كما حكى اللَّهُ عنهم في قوله :

{ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } [ الأنعام : 91 ] والجملةٌ أيضاً في محل الصفة .

وقيل : نصب على حذف حر الجرِّ ، والتقدير : كما أوحَيْنَا إلى نُوحٍ ، وإلى رُسُل .

وقرأ{[10353]} أبيُّ : " وَرُسُلٌ " بالرفع في الموضعين ، وفيه تخريجان :

أظهرهما : أنه مبتدأ وما بعده خبرُه ، وجاز الابتداءُ هنا بالنكرةِ ؛ لأحدِ شيئين : إمَّا العطفِ ؛ كقوله : [ البسيط ]

عِنْدِي اصْطِبَارٌ وشَكْوَى عِنْدَ قَاتِلَتِي *** فَهَلْ بأعْجَبَ مِنْ هَذَا امرُؤٌ سَمِعَا{[10354]}

وإما التفصيل ؛ كقوله : [ المتقارب ]

فَأقْبَلْتُ زَحْفاً على الرُّكْبَتَيْنِ *** فَثَوْبٌ لَبِسْتُ وَثَوْبٌ أجُرْ{[10355]}

وكقوله : [ الطويل ]

إذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ *** بِشِقٍّ وَشِقٌّ عِنْدَنَا لَمْ يُحَوَّلِ{[10356]}

والثاني - وإليه ذهب ابن عطيَّة - : أنه ارتفع على خبر ابتداء مضمر ، أي : وهم رُسُلٌ ، وهذا غير واضح ، والجملة بعد " رسُل " على هذا الوجه تكونُ في محلِّ رفع ؛ لوقوعها صفةً للنكرة قبلها .


[10333]:سقط في أ.
[10334]:سقط في ب.
[10335]:في ب: ثبوت.
[10336]:ينظر: الكتاب 1/116.
[10337]:ينظر: الإملاء 1/203.
[10338]:في ب: وهلك.
[10339]:سقط في أ.
[10340]:سقط في ب.
[10341]:ينظر هذه اللغات وما تبع ذلك من قراءات في: المحرر الوجيز 2/136 والبحر المحيط 3/413، والدر المصون 2/464.
[10342]:تقدم.
[10343]:ينظر: الدر المصون: 2/464.
[10344]:ينظر: السبعة 240، والحجة 3/193، وحجة القراءات 219، وإعراب القراءات 1/140، والعنوان 86، وشرح الطيبة 4/223، وشرح شعلة 347، وإتحاف 1/526.
[10345]:ينظر: الإملاء 1/203.
[10346]:ينظر: تفسير الرازي 11/86، ولسان العرب 3/1804.
[10347]:ينظر: تفسير القرطبي 6/13.
[10348]:في أ: ملئ.
[10349]:سقط في ب.
[10350]:ينظر: تفسير القرطبي 6/13.
[10351]:البيتان للربيع بن ضبع ينظر: خزانة الأدب 7/384، ولسان العرب (ضمن)، وأمالي المرتضى 1/255، وحماسة البحتري ص 201، وشرح التصريح 2/36، والكتاب 1/89، والمقاصد النحوية 3/398، والرد على النحاة ص 114، وشرح المفصل 7/105، والمحتسب 2/99، وأوضح المسالك 3/114. والأشباه والنظائر 7/173.
[10352]:ينظر: المحرر الوجيز 2/137، والبحر المحيط 3/414، والدر المصون 2/415.
[10353]:ينظر: القراءة السابقة.
[10354]:ينظر البيت في الأشباه والنظائر، وشرح شواهد المغني 2/863، ومغني اللبيب 2/468 والدر المصون 2/465.
[10355]:استشهد بالبيت على حذف عائد المخبر عنه، بشرط كونه منصوبا فعل لفظا، نحو: فثوب نسيت وثوب أجر، وفي البيت توجيهان آخران ذكرهما ابن هشام وأصلهما للأعلم: أحدهما: أن جملتي (نسيت، أجر) ليستا خبرين، بل هما نعتان للمبتدأين، وخبراهما محذوفان، والتقدير: فمن أثوابي ثوب منسي وثوب مجرور، والتوجيه الثاني: أن الجملتين خبران، ولكن هناك نعتان محذوفان والتقدير فثوب لي نسيته وثوب لي أجره، وعلى هذين التوجيهين، فالمسوغ للابتداء بالنكرة كونها موصوفة. وفي البيت رواية أخرى رواها السكري في شرح ديوان امرئ القيس نصب ثوب على أنه مفعول مقدم للفعل الذي بعده، ولا شاهد في البيت على هذه الرواية، وبعض المتأخرين يرجح هذه الرواية على رواية الرفع؛ لأنها لا تحوج إلى تقدير محذوف، وأن حذف الضمير المنصوب العائد على المبتدأ من جملة الخبر، مما لا يجيزه جماعة من النحاة، منهم سيبويه إلا لضرورة الشعر، ولكن رواية سيبويه بالرفع أوثق. كما ذكروا البيت شاهدا على جواز الابتداء بالنكرة، بشرط أن تكون للتنويع والتفصيل والبيت لامرئ القيس ينظر ديوانه (159) سيبويه 1/44، الكافية 1/92، شرح ابن عقيل 1/219، شرح أبيات مغني اللبيب 7/37، المغني 472، 633، المحتسب 2/142، ابن الشجري 1/93، 326، المقاصد النحوية 1/545، وخزانة الأدب 1/373، 374 والأشباه والنظائر 3/110 وشرح ابن عقيل ص 113 والدر المصون 2/465.
[10356]:تقدم.