تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞إِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ كَمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ نُوحٖ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَٰرُونَ وَسُلَيۡمَٰنَۚ وَءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ زَبُورٗا} (163)

الآية 163

وقوله تعالى : { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده } قيل فيه بوجوه : قيل : قوله{ كما أوحينا إلى نوح } الكاف صلة زائدة ؛ معناه : إنا أوحينا إلى نوح ومن ذكر ومن بعده ؛ أي لا يختلف ما أنزل إليك وما أنزل إلى غيرك من الرسل . وهو كقوله تعالى : { وإنه لفي زبر الأولين } ( الشعراء : 196 ) ( وقوله تعالى ){[6794]} { إن هذا لفي الصحف الأولى }{[6795]}( الأعلى : 18 ) .

وقيل : { إنا أوحينا إليك } من الحجج والآيات ما يدل على رسالتك ونبوتك كما أعطي أولئك من الحجج والآيات على صدق ما دعوا{[6796]} من الرسالة والنبوة ، ثم لم يؤمنوا .

وقيل : إن اليهود قالوا : إن محمدا لو كان يؤتى كتابا جملة كما أوتي موسى كتابا جملة من غير وحي ، قال تعالى : { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده } وحيا من غير أن أوتي كل{[6797]} منهم كتابا جملة كما أوتي موسى . ثم كان أولئك رسلا . فعلى ذلك محمد صلى الله عليه وسلم رسول{[6798]} ، وإن لم يؤت كتابا كما أوتي موسى . ولله أن يفعل ذلك ؛ يؤتي من يشاء كتابا كما أوتي موسى . ولله أن يفعل ذلك ؛ يؤتي من يشاء كتابا جملة مرة ، ومن{[6799]} يشاء يوحي إليه بالتفاريق ، والله أعلم بذلك .

وقوله تعالى : { وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب } ومن ذكر . يحتمل ذكر إبراهيم ومن ذكر أولاده بعد قوله : { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين } على التخصيص لإبراهيم ومن ذكر لأنه ذكر النبيين من بعد نوح ، فدخلوا فيه . ثم خصهم{[6800]} بالذكر تفضيلا وتخصيصا {[6801]} . ويحتمل أن يكون قوله تعالى : { والنبيين } الرسل الذين كانوا بعد نوح قبل إبراهيم . ثم ابتدأ الكلام ، فقال{ وأوحينا إلى إبراهيم } ومن ذكر .

وفي حرف حفصة رضي الله عنها : { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح } وكما أوحينا إلى الرسل من بعده{[6802]} وكما أوحينا { إلى إبراهيم } فهذا يدل على ما ذكرنا من ابتداء الذكر لهم ، والله أعلم .

والآية ترد{[6803]} على القرامطة ومذهبهم لأنهم يقولون : الرسل ستة ، سابعهم قائم الزمان لأنه ذكر في الآية أكثر من عشرة ، فظهر كذبهم بذلك وحيلهم التي سولها لهم الشيطان ، وزينها في قلوبهم .


[6794]:في الأصل وم: و.
[6795]:أدرج بعدها في الأصل وم: الآية.
[6796]:في الأصل وم: ادعوا.
[6797]:في الأصل وم: كلا.
[6798]:في الأصل وم: رسولا.
[6799]:الواو ساقطة من الأصل.
[6800]:في الأصل وم: بعدهم.
[6801]:أدرج بعدها في الأصل وم: لهم.
[6802]:في الأصل وم: بعدهم.
[6803]:في الأصل وم: تدل.