تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗا فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرۡجُواْ ٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (36)

يخبر تعالى عن عبده ورسوله شعيب عليه السلام ، أنه أنذر قومه أهل مَدين ، فأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له ، وأن يخافوا بأس الله ونقمته وسطوته يوم القيامة ، فقال : { يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ } .

قال ابن جرير : قال بعضهم : معناه : واخشوا اليوم الآخر ، وهذا كقوله تعالى : { لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ } [ الممتحنة : 6 ] .

ثم نهاهم عن العيث في الأرض بالفساد ، وهو السعي فيها والبغي على أهلها ، وذلك أنهم كانوا ينقصون المكيال والميزان ، ويقطعون الطريق على الناس ، هذا مع كفرهم بالله ورسوله ، فأهلكهم الله برجفة عظيمة زلزلت عليهم بلادهم ، وصيحة أخرجت القلوب من حناجرها{[22580]} . وعذاب يوم الظلة الذي أزهق الأرواح من مستقرها ، إنه كان عذاب يوم عظيم . وقد تقدمت قصتهم مبسوطة في سورة " الأعراف ، وهود ، والشعراء " .

وقوله : { فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } ، قال قتادة : ميتين . وقال غيره : قد ألقي بعضهم على بعض .


[22580]:- في ت : "حناجرهم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗا فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرۡجُواْ ٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (36)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِلَىَ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَارْجُواْ الْيَوْمَ آلاَخِرَ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } .

يقول تعالى ذكره : وأرسلت إلى مَدْين أخاهم شعيبا ، فقال لهم : يا قوم اعبدوا الله وحده ، وذِلّوا له بالطاعة ، واخضعوا له بالعبادة وَارْجُوا اليَوْمَ الاَخِرَ يقول : وارجوا بعبادتكم إياي جزاءَ اليوم الاَخر ، وذلك يوم القيامة وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ يقول : ولا تكثرِوا في الأرض معصية الله ، ولا تقيموا عليها ، ولكن توبوا إلى الله منها وأنيبوا .

وقد كان بعض أهل العلم بكلام العرب يتأوّل قوله : وَارْجُوا اليَوْمَ الاَخِرَ بمعنى : واخشَوُا اليوم الاَخر . وكان غيره من أهل العلم بالعربية يُنكر ذلك ويقول : لم نجد الرجاء بمعنى الخوف في كلام العرب إلاّ إذا قارنه الجَحْد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗا فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرۡجُواْ ٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (36)

نصب { شعيباً } بفعل مضمر يحسن مع إلى تقديره بعثنا أو أرسلنا ، فأمر شعيب بعبادة الله تعالى والإيمان بالبعث واليوم الآخر ومع الإيمان به يصح رجاؤه ، وذهب أبو عبيدة إلى أن المعنى وخافوا ، و { تعثوا } ، معناه تفسدون ، يقال عثا يعثوا وعث يعث وعاث يعيث وعثى يعثي إذا فسد ، وأهل { مدين } قوم شعيب هذا على أنها اسم البلدة ، وقيل { مدين } اسم القبيلة وأصحاب الأيكة وغيرهم ، وقيل هم بعضهم ومنهم وذلك أن معصيتهم في أمر الموازين والمكاييل كانت واحدة .