تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

يقول تعالى : وكما أرسلنا إلى قوم نوح نوحًا ، كذلك أرسلنا إلى عاد أخاهم هودًا .

قال محمد بن إسحاق : هم [ من ]{[11862]} ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح .

قلت : وهؤلاء هم عاد الأولى ، الذين ذكرهم الله [ تعالى ]{[11863]} وهم أولاد عاد بن إرم الذين كانوا يأوون إلى العَمَد في البر ، كما قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ } [ الفجر : 6 - 8 ] وذلك لشدة بأسهم وقوتهم ، كما قال تعالى : { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } [ فصلت : 15 ] .

وقد كانت مساكنهم باليمن بالأحقاف ، وهي جبال الرمل .

قال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن عبد الله بن أبي سعيد الخزاعي ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، سمعت علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ]{[11864]} يقول لرجل من حضرموت : هل رأيت كثيبا أحمر تخالطه مَدَرَة حمراء ذا أرَاكٍ وسدْر كثير بناحية كذا وكذا من أرض حضرموت ، هل رأيته ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين . والله إنك لتنعته نعتَ رجل قد رآه . قال : لا ولكني قد حدِّثتُ عنه . فقال الحضرمي : وما شأنه يا أمير المؤمنين ؟ قال : فيه قبرُ هود ، عليه السلام .

رواه ابن جرير{[11865]} وهذا فيه فائدة أن مساكنهم كانت باليمن ، وأن هودا ، عليه السلام ، دفن هناك ، وقد كان من أشرف{[11866]} قومه نسبا ؛ لأن الرسل [ صلوات الله عليهم ]{[11867]} إنما يبعثهم الله من أفضل القبائل وأشرفهم ، ولكن كان قومه كما شُدّد خلقهم شُدِّد على قلوبهم ، وكانوا من أشد الأمم تكذيبا للحق ؛ ولهذا دعاهم هود ، عليه السلام ، إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وإلى طاعته وتقواه .


[11862]:زيادة من م.
[11863]:زيادة من أ.
[11864]:زيادة من أ.
[11865]:تفسير الطبري (12/507).
[11866]:في م، ك: "أشراف".
[11867]:زيادة من أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِلَىَ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُمْ مّنْ إِلََهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتّقُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولقد أرسلنا إلى عاد أخاهم هودا ولذلك نصب «هودا » ، لأنه معطوف به على نوح عليهما السلام . قَالَ هود : يا قَوْمِ اعْبُدُوا الله فأفردوا له العبادة ، ولا تجعلوا معه إلها غيره ، فإنه ليس لكم إله غيره . أفلا تَتّقُونَ ربكم فتحذرونه وتخافون عقابه بعبادتكم غيره ، وهو خالقكم ورازقكم دون كلّ ما سواه ؟

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

{ عاد } اسم الحي ، و { أخاهم } نصب ب { أرسلنا } [ الأعراف : 59 ] فهو معطوف على نوح ، وهذه أيضاً نذارة من هود عليه السلام لقومه ، وتقدم الخلاف في قراءة { غيره } وقوله { أفلا تتقون } استعطاف إلى التقى والإيمان .