غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

59

القصة الثالثة قصة هود وذلك قوله سبحانه { وإلى عاد أخاهم هوداً } والتقدير لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه وأرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً . واتفقوا على أن هوداً ما كان أخاهم في الدين . ثم قال الزجاج : معناه أنه كان من آدم ومن جنسهم لا من جنس الملائكة والجن . وقيل : أراد واحداً منهم قاله الكلبي ، وهو من قولك يا أخا العرب لواحد منهم ، وقيل : خص واحداً منهم بالإرسال إليهم ليكونوا أعرف بحاله في صدقه وأمانته . وقيل : معناه صاحبهم . والعرب تسمي صاحب القوم أخاهم قال صلى الله عليه وسلم «إن أخاكم أذن وإنما يقيم من أذن » يريد صاحبهم . ونسبه هود بن شالخ بن ارفخشذ بن سام بن نوح { وهوداً } عطف بيان لأخاهم . وأما عاد فهم كانوا باليمين بالأحقاف . قال ابن إسحق : والأحقاف الرمل الذي بين عمان إلى حضرموت . واعلم أن ألفاظ هذه القصة بعضها يوافق الألفاظ المذكورة في قصة نوح وبعضها يخالفها فلنبين أسرارها فمنها قوله هناك { فقال يا قوم اعبدوا الله } وهاهنا { قال يا قوم } والفرق أن نوحاً عليه السلام كان مواظباً على دعوتهم وما كان يؤخر الجواب عن شبهاتهم لحظة واحدة ، وأما هود فما كان جدّه إلى هذا الحد فلا جرم جاء بالتعقيب في قصة نوح دون قصة هود . ويمكن أن يقال : لما أضمر { أرسلنا } أضمر الفاء لأن الداعي إلى الفاء { أرسلنا } وفي الكشاف أن هذا وارد على سبيل الاستئناف . ومنها قوله : { ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } وفي قصة هود { ما لكم من إله غيره أفلا تتقون } لأن واقعة هود كانت مسبوقة بواقعة نوح فوقع الاقتصار على ذلك أي لعلكم تحذرون مثل ذلك العذاب العظيم الذي اشتهر خبره في الدنيا .