فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

{ و } أرسلنا { إلى } قوم { عاد } وهو من ولد سام بن نوح قيل هو عاد بن عوص بن أرم بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح وهي عاد الأولى . وعاد الثانية قوم صالح ، وهم ثمود ، وبينهما مائة سنة { أخاهم } أي واحدا من قبيلتهم أو صاحبهم ، وسماه أخا لكونه ابن آدم مثلهم ، قاله الزجاج والعرب تسمي صاحب القوم أخاهم { هودا } هو ابن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص المذكور قاله السيوطي في التحبير .

وقال ابن اسحق : هو هود بن شالخ المذكور . والأول أولى واشتهر في ألسنة النحاة أن هودا عربي وفيه نظر لأن الظاهر من كلام سيبويه لما عده مع نوح ولوط أنه أعجمي . وكان بينه وبين نوح ثمانمائة سنة ، وعاش أربعمائة وأربعا وستين سنة .

وصرح هنا بتعيين المرسل إليهم دون ما سبق في نوح وما سيأتي في لوط لأن المرسل إليهم إذا كان لهم اسم قد اشتهروا به ذكروا به وإلا فلا . وقد امتازت عاد وثمود ومدين بأسماء مشهورة .

قال الربيع بن خثيم : كانت عاد ما بين اليمن إلى الشام مثل الذر ، وقيل كانت منازل عاد بالأحقاف باليمن ، والأحقاف الرمل الذي عند عمان وحضر موت .

وقال وهب : كان الرجل من عاد ستين ذراعا بذراعهم ، وكان هامة الرجل مثل القبة العظيمة وكان عين الرجل لتفرخ فيها السباع . وكذلك مناخرهم .

وقال قتادة : ذكر لنا أنهم كانوا اثني عشر ذراعا طولا ، وعن ابن عباس : كان الرجل منهم ثمانين باعا ، وكانت البرة فيهم ككلية البقرة والرمانة الواحدة يقعد في قشرها عشرة نفر . ولا تخلو هذه الأقاويل عن ضعف وبعد .

{ قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } ولم يقل هنا فقال كما قال في قصة نوح لأن الفاء تدل على التعقيب وكان نوح مواظبا على دعوة قومه غير متوان فيها ، وكان هود دون نوح في المبالغة في الدعاء ، وقيل هذا على تقدير سؤال سائل قال فما قال لهم هود فقيل قال يا قوم .

{ أفلا تتقون } استبعاد وإنكار أي أفلا تخافون ما نزل بكم من العذاب . وقال في سورة هود أفلا تعقلون ، ولعله خاطبهم بكل منهما وقد اكتفى بحكاية كل منهما في موطن عن حكايته في موطن آخر كما لم يذكر ههنا ما ذكر هناك من قوله { إن أنتم إلا مفترون } وقس على ذلك حال بقية ما ذكر وما لم يذكر من أجزاء القصة ، بل حال نظائره في سائر القصص لا سيما في المحاورات الجارية في الأوقات المتعددة والله أعلم قاله أبو السعود .