تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَإِخۡوَٰنُهُمۡ يَمُدُّونَهُمۡ فِي ٱلۡغَيِّ ثُمَّ لَا يُقۡصِرُونَ} (202)

وقوله : { وَإِخْوَانِهِمْ } أ : ي وإخوان الشياطين من الإنس ، كقوله : { إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ } [ الإسراء : 27 ] وهم أتباعهم والمستمعون{[12568]} لهم القابلون{[12569]} لأوامرهم { يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ } أي : تساعدهم الشياطين على [ فعل ]{[12570]} المعاصي ، وتسهلها عليهم وتحسنها لهم .

وقال ابن كثير : المد : الزيادة . يعني : يزيدونهم في الغي ، يعني : الجهل والسفه .

{ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ } قيل : معناه إن الشياطين تمد ، والإنس لا تقصر في أعمالهم بذلك . كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : { وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ } قال : لا الإنس يقصرون عما يعملون من السيئات ، ولا الشياطين تمسك عنهم .

قيل : معناه كما رواه العوفي ، عن ابن عباس في قوله : { يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ } قال : هم الجن ، يوحون إلى أوليائهم من الإنس { ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ } يقول : لا يسأمون .

وكذا قال السُّدِّي وغيره : يعني إن الشياطين يمدون أولياءهم من الإنس ولا تسأم من إمدادهم في الشر ؛ لأن ذلك طبيعة لهم وسَجِيَّة ، لا تفتر فيه ولا تبطل عنه ، كما قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا } [ مريم : 83 ] قال ابن عباس وغيره : تزعجهم إلى المعاصي إزعاجا .


[12568]:في ك، م، أ: "المستمعين".
[12569]:في أ: "القائلون".
[12570]:زيادة من أ.