فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِخۡوَٰنُهُمۡ يَمُدُّونَهُمۡ فِي ٱلۡغَيِّ ثُمَّ لَا يُقۡصِرُونَ} (202)

قوله : { وإخوانهم يَمُدُّونَهُمْ فِي الغي } قيل المعنى : وإخوان الشياطين ، وهم الفجار من ضلال الإنس ، على أن الضمير في إخوانهم يعود إلى الشيطان المذكور سابقاً ، والمراد به الجنس . فجاز إرجاع ضمير الجمع إليه . { يَمُدُّونَهُمْ فِي الغي } أي : تمدّهم الشياطين في الغيّ ، وتكون مدداً لهم . وسميت الفجار من الإنس إخوان الشياطين ، لأنهم يقبلون منهم ويقتدون بهم . وقيل : إن المراد بالإخوان الشياطين ، وبالضمير الفجار من الإنس ، فيكون الخبر جارياً على من هو له . وقال الزجاج : في الكلام تقديم وتأخير . والمعنى : والذين تدعون من دونه لا يستطيعون لكم نصراً ولا أنفسهم ينصرون { وإخوانهم يَمُدُّونَهُمْ فِي الغي } لأن الكفار إخوان الشياطين ، { ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } الإقصار : الانتهاء عن الشيء ، أي لا تقصر الشياطين في مدّ الكفار في الغيّ . قيل : إن في الغيّ متصلاً بقوله : { يَمُدُّونَهُمْ } وقيل : بالإخوان . والغي : الجهل . قرأ نافع «يَمُدُّونَهُمْ » بضم حرف المضارعة وكسر الميم . وقرأ الباقون بفتح حرف المضارعة وضم الميم ، وهما لغتان : يقال مدّ وأمد . قال مكي : ومدّ أكثر . وقال أبو عبيد وجماعة من أهل اللغة : فإنه يقال إذا كثر شيء شيئاً بنفسه مدّه . وإذا كثره بغيره ، قيل : أمدّه نحو { يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مّنَ الملائكة } وقيل : يقال : مددت في الشرّ وأمددت في الخير . وقرأ عاصم الجحدري { يَمُدُّونَهُمْ فِي الغي } . وقرأ عيسى بن عمر { ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } بفتح الياء وضم الصاد وتخفيف القاف .

/خ206