لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَفِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (176)

{ ذلك بأن الله نزل الكتاب } يعني ذلك العذاب بسبب إن الله نزل الكتاب { بالحق } فكفروا به وأنكروه وقيل معناه فعلنا بهم ذلك ، لأن الله أنزل الكتاب بالحق فحرفوه فعلى هذا يكون المراد بالكتاب التوراة { وإن الذين اختلفوا في الكتاب } يعني اختلفوا في معانيه وتأويله فحرفوها وبدلوها ، وقيل : آمنوا ببعض وكفروا ببعض { لفي شقاق } أي خلاف ومنازعة { بعيد } يعني عن الحق .

قوله عز وجل : { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب } هذا خطاب لأهل الكتاب لأن النصارى تصلي قبل المشرق واليهود قبل المغرب إلى بيت المقدس ، وزعم كل طائفة منهم أن البر في ذلك ، فأخبر الله تعالى أن البر ليس فيما زعموا ولكن فيما بينه في هذه الآية . وقال ابن عباس : هو خطاب للمؤمنين وذلك أن الرجل كان في ابتداء الإسلام إذا أتى بالشهادتين وصلى إلى أي جهة كانت ثم مات على ذلك ، وجبت له الجنة فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت الفرائض وصرفت القبلة إلى الكعبة ،