لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (172)

قوله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } قيل إن الأمر في قوله : كلوا قد يكون للوجوب كالأكل لحفظ النفس ودفع الضرر عنها ، وقد يكون للندب كالأكل مع الضيف وقد يكون للإباحة إذا خلا من هذه العوارض . والطيب هو الحلال ( م ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله طيب ولا يقبل إلاّ الطيب وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً وقال : يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء : يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك " . قوله : أشعث أغبر هو البعيد العهد بالدهن والغسل والنظافة . وقيل الطيب المستلذ من الطعام فلعل قوماً تنزهوا عن أكل المستلذ من المطاعم فأباح الله تعالى لهم ذلك { واشكروا لله } يعني على نعمه { إن كنتم إياه تعبدون } أي اشكروا الله الذي رزقكم هذه النعم إن كنتم تخصونه بالعبادة وتقرون أنه إلهكم لا غيره وقيل إن كنتم عارفين بالله وبنعمه فاشكروه عليها .