تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَفِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (176)

{ ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد } .

174

ذلك الذي تقدم من الجزاء الشديد المترتب على الكتمان ، حاصل بسبب أن الله نزل القرآن بالحق ، فلا يصح أن يكتم أمره وأمر من جاء به ، ولا أن يفتري عليه ، وأن الذين اختلفوا في شأنه لفي خلاف بعيد عن الحق موجب لأشد العذاب ، إن منهم من يقول : هو سحر . ومنهم من يقول : أساطير الأولين ، ومنهم من يقول : افتراه على الله كذبا ، أم به جنة ، ومنهم من يقول : إنما يعلمه بشر .

ويرى بعض المفسرين : أن المراد بالكتاب : جنس الكتب التي أنزلها الله ، وأن المعنى ، ذلك العذاب بسبب أن الله نزل كتبه بالحق ، فلا جرم أن يعذب من يكتمها ، أو يكذبها . وأن الذين اختلفوا في شأن ما أنزله الله في كتبه ، فأظهروا منها ما يناسب أهواءهم وأخفوا ما لا يناسبها أو آمنوا ببعضها ، وكفروا بالبعض الآخر ، وأساءوا تأويل بعضها .

{ لفي شقاق بعيد } : شقاق مع الحق . ، وشقاق مع ناموس الفطرة ، وشقاق فيما بينهم وبين أنفسهم ، وبعد شديد عن الحق والصواب .

وبدلك تكون الآيات الكريمة قد ذكري ألوانا من العقوبات الأليمة التي توعد الله بها كل من يكتم أمرا نهى الله عن كتمانه ، لكي يقلع كل من يتأى منه الخطاب عن هذه الرذيلة ، وفاء للعهد أخذه الله على الناس بصفة عامة ، وعلى أولي العلم بصفة خاصة .

* * *