غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَفِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (176)

172

{ ذلك } الوعيد الشديد أو ذلك الكتمان وسوء معاملتهم إنما هو بسبب { إن الله نزل الكتاب } يعني جنس الكتب السماوية أو القرآن { بالحق } بالصدق أو ببيان الحق وقد نزل في جملة ما نزل أن هؤلاء الرؤساء من أهل الكتاب لا يؤمنون ولا يكون منهم إلا الإصرار على الكفر فإنه تعالى ختم على قلوبهم { وإن الذين اختلفوا في الكتاب } جنسه فقالوا في البعض حق وفي البعض باطل وهم أهل الكتاب { لفي شقاق } خلاف { بعيد } عن الحق ، أو الذين اختلفوا في القرآن فقال بعضهم شعر ، وبعضهم سحر ، وبعضهم أساطير الأولين ، أو الذين اختلفوا في التوراة والإنجيل فقدح كل منهما في الآخر ، أو ذكر كل منهما للآيات الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم تأويلاً آخر فاسداً ، أو حرفوا كلاً منهما على وجه آخر لأجل عداوتك هم فيما بينهم في شقاقٍ بعيدٍ ومنازعةٍ شديدةٍ . فلا ينبغي أن تلتفت إلى اتفاقهم على العداوة ، فإنه ليس فيما بينهم مؤالفة وموافقة . وعن أبي مسلم : اختلفوا في الكتاب أي توارده مثل

{ إن في اختلاف الليل والنهار } [ يونس : 6 ] أي تعاقبهما . واعلم أن الآية وإن نزلت في أهل الكتاب ، يشبه أن تكون عامة في كل من كتم شيئاً من باب الدين فيكون حكماً ثانياً للمسلمين ، ويصلح أن يتمسك بها القاطعون بوعيد أصحاب الكبائر . وكان السبب في تعقيب هذا الحكم الحكم الأول أن أهل الكتاب قد حرموا بعض ما أحل الله كلحوم الإبل وألبانها وأحلوا بعض الشحوم ، فسيقت الآية تعريضاً بصنعهم وتصريحاً بجزائهم وجزاء أضرابهم والله أعلم .

/خ176