{ الحاقة } أي الساعة التي تحق وتثبت فيها الأمور الحقة التي كانا ينكرونها من البعث والحساب والجزاء ؛ من حق الشيء يحق – من بابي ضرب وقتل – ثبت . أو التي تحق فيها الأمور ، أي تعرف على الحقيقة ؛ من حققته أحقه : إذا عرفت حقيقته . وإسناد الفعل إليها من الإسناد إلى الزمان ؛ على حد : نهاره صائم . وقال الأزهري : الحاقة القيامة ؛ من حاققته أحاقه فحققته : أي غالبته فغلبته ؛ فهي حاقة لأنها كل محاق – أي مخاصم – في دين الله بالباطل فتغلبه . و " الحاقة " مبتدأ ، خبره جملة " ما الحاقة " .
مكية في قول الجميع ، وهي إحدى وخمسون آية
روى أبو الزاهرية عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ إحدى عشرة آية من سورة الحاقة أجير من فتنة الدجال . ومن قرأها كانت له نورا يوم القيامة من فوق رأسه إلى قدمه ) .
قوله تعالى : " الحاقة . ما الحاقة " يريد القيامة ، سميت بذلك لأن الأمور تُحَقّ فيها ، قاله الطبري . كأنه جعلها من باب " ليل نائم " . وقيل : سميت حاقة لأنها تكون من غير شك . وقيل : سميت بذلك لأنها أحقت لأقوام الجنة ، وأحقت لأقوام النار . وقيل : سميت بذلك لأن فيها يصير كل إنسان حقيقا بجزاء عمله . وقال الأزهري : يقال حاققته فحَقَقْتُه أحقه ، أي غالبته فغلبته . فالقيامة حاقة ؛ لأنها تحق كل محاقٍّ في دين الله بالباطل ، أي كل مخاصم . وفي الصحاح : وحاقّه أي خاصمه وادعى كل واحد منهما الحق ، فإذا غلبه قيل حقه . ويقال للرجل إذا خاصم في صغار الأشياء : إنه لنَزِق الحِقَاق . ويقال : مال فيه حٌّق ولا حِقَاق ، أي خصومة . والتّحّاقّ التخاصم . والاحتقاق : الاختصام . والحاقة والحقة والحق ثلاث لغات بمعنى . وقال الكسائي والمورج : الحاقة يوم الحق . وتقول العرب : لما عرف الحَقّة مني هرب . والحاقة الأولى رفع بالابتداء ، والخبر المبتدأ الثاني وخبره وهو " ما الحاقة " لأن معناها ما هي . واللفظ استفهام ، معناه التعظيم والتفخيم لشأنها ، كما تقول : زيد ما زيد على التعظيم لشأنه .
سورة الحاقة{[1]}
مقصودها تنزيه الخالق ببعث الخلائق لإحقاق الحق وإزهاق الباطل بالكشف التام لشمول العلم {[2]}للكليات والجزئيات{[3]} ، وكمال القدرة{[4]} علىالعلويات{[5]} والسفليات ، وإظهار العدل بين سائر المخلوقات ، ليميز المسلم من المجرم بالملذذ والمؤلم{[6]} ، وتسميتها بالحاقة في غاية الوضوح في ذلك وهو أدل ما فيها عليه ( بسم الله ) الذي له الكمال كله نزاهة وحمدا ( الرحمن ) الذي عم جوده{[7]} بالعدل كبرا ومجدا ( الرحيم ) الذي خص أهل وده بالوقوف عند حدوده لينالوا بطيب جواره{[8]} علوا وجدا {[9]}وفوزا بالأماني وسعدا{[10]} .
لما قدم سبحانه في " نون " الإنكار الشديد لأن{[67830]} يسوي المسيء بالمحسن ، وذكر القيامة وبينها بيوم كشف الساق وزيادة المشاق ، وهدد التهديد العظيم بآية الاستدراج الذي لا يدفع بعلاج ، وختم بأن القرآن ذكر - أي شرف - وتذكير ، ومواعظ للعالمين في شمولهم كلهم برحمته ، أما من بعد{[67831]} إنزاله فبوعيده ووعده ووعظه وقصه وأمره ونهيه ، وأما من قبل إنزاله فبالشهادة {[67832]}لهم وعليهم{[67833]} ، وكان تأويل ذلك وجميع آثاره إنما يظهر ظهوراً تاماً يوم الجمع الأكبر ، وكان ذلك اليوم أعظم مذكر للعالمين وواعظ{[67834]} لهم وزاجر ، تنبني جميع الخيرات على تذكره{[67835]} وتذكر العرض على الملك الديان ، والسر في إنزال القرآن هو التذكير بذلك اليوم الذي هو نظام الوجود ، قال واصفاً للقيامة واليوم الذي يكشف فيه عن ساق ، واعظاً بذكرها ومحذراً من أمرها : { الحاقة * } أي{[67836]} الساعة التي يكذب بها هؤلاء وهي{[67837]} أثبت الأشياء وأجلاها فلا كاذبة لها ولا لشيء عنها ، فلا بد من حقوقها فهي ثابتة في نفسها ، ومن إحضار الأمور فيها بحقائقها ، والمجازاة عليها بالحق الذي لا مرية {[67838]}فيه لأحد{[67839]} من الخلق ، فهي فاعلة بمعنى مفعول فيها ، وهي فاعلة أيضاً لأنها غالبة لكل خصم ، من حاققته فحققته {[67840]}أحقه أي{[67841]} غالبته في الحق فغلبته فيه ، فهي تحق الحق ولا بد فتعلو الباطل فتدمغه وتزهقه فتحق العذاب للمجرمين والثواب للمسلمين ، وكل ما فيها داثر على الثبات والبيان ، لأن ذلك مقتضى الحكمة{[67842]} ولا يرضى لأحد من الحكام ترك رعيته بغير إنصاف بينهم على زعمه فكيف بالحكيم العليم ، وقصة صاحب الحوت عليه السلام أدل دليل على القدرة عليها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.