اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلۡحَآقَّةُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الحاقة

مكية ، وهي اثنتان وخمسون آية ، ومائتان وستة وخمسون كلمة ، وألف وأربعة وستون حرفا .

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى : { الحاقة مَا الحاقة } .

«الحاقة » مبتدأ ، و «ما » مبتدأ ثانٍ ، و «الحاقة » خبره ، والجملة خبر الأول ؛ لأن معناها «ما هي » واللفظُ استفهام ، ومعناها التفخيم والتعظيم لشأنها .

قال ابن الخطيب{[57714]} : وُضِعَ الظاهرُ موضع المضمرِ ؛ لأنه أهولُ لها ، ومثله { القارعة مَا القارعة }[ القارعة : 1 ، 2 ] وقد تقدَّم تحريرُ هذا في «الواقعةِ » .

و «الحاقَّة » فيها وجهان :

أحدهما : أنه وصف اسم فاعل بمعنى أنها تبدي حقائق الأشياء .

وقيل : إن الأمر يحق فيها فهي من باب «ليل نائم ، ونهار صائم » قاله الطبري .

وقيل : سميت حاقة ؛ لأنها تكون من غير شكٍّ لأنها حقَّت فلا كاذبة لها .

وقيل : سميت القيامة بذلك ؛ لأنها أحقت لأقوامٍ الجنَّة ، وأحقَّت لأقوامٍ النَّار .

وقيل : من حق الشيء : ثبت فهي ثابتة كائنة .

وقيل : لأنها تحق كل محاق في دين الله أي : تغلبه ، من حاققته ، فحققته أحقه أي : غلبته .

وفي «الصحاح »{[57715]} : وحاقه ، أي : خاصمه ، وادعى كل واحد منهما الحقَّ ، فإذا غلبه قيل : حقه ، ويقال : ما له فيه حقٌّ ، ولا حقاق أي : خصومة ، والتحاق : والتخاصم ، والاحتقاق : الاختصام ، والحاقَّةُ والحقُّ والحقةُ ثلاثُ لغاتٍ بمعنًى .

وقال الكسائيُّ والمؤرج : الحاقَّةُ : يوم الحقِّ .

والثاني : أنه مصدر ك «العاقبة » و «العافية » .


[57714]:ينظر: الفخر الرازي 10/90.
[57715]:ينظر: الصحاح 4/1461.