نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ٱلۡحَآقَّةُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الحاقة{[1]}

مقصودها تنزيه الخالق ببعث الخلائق لإحقاق الحق وإزهاق الباطل بالكشف التام لشمول العلم {[2]}للكليات والجزئيات{[3]} ، وكمال القدرة{[4]} علىالعلويات{[5]} والسفليات ، وإظهار العدل بين سائر المخلوقات ، ليميز المسلم من المجرم بالملذذ والمؤلم{[6]} ، وتسميتها بالحاقة في غاية الوضوح في ذلك وهو أدل ما فيها عليه ( بسم الله ) الذي له الكمال كله نزاهة وحمدا ( الرحمن ) الذي عم جوده{[7]} بالعدل كبرا ومجدا ( الرحيم ) الذي خص أهل وده بالوقوف عند حدوده لينالوا بطيب جواره{[8]} علوا وجدا {[9]}وفوزا بالأماني وسعدا{[10]} .

لما قدم سبحانه في " نون " الإنكار الشديد لأن{[67830]} يسوي المسيء بالمحسن ، وذكر القيامة وبينها بيوم كشف الساق وزيادة المشاق ، وهدد التهديد العظيم بآية الاستدراج الذي لا يدفع بعلاج ، وختم بأن القرآن ذكر - أي شرف - وتذكير ، ومواعظ للعالمين في شمولهم كلهم برحمته ، أما من بعد{[67831]} إنزاله فبوعيده ووعده ووعظه وقصه وأمره ونهيه ، وأما من قبل إنزاله فبالشهادة {[67832]}لهم وعليهم{[67833]} ، وكان تأويل ذلك وجميع آثاره إنما يظهر ظهوراً تاماً يوم الجمع الأكبر ، وكان ذلك اليوم أعظم مذكر للعالمين وواعظ{[67834]} لهم وزاجر ، تنبني جميع الخيرات على تذكره{[67835]} وتذكر العرض على الملك الديان ، والسر في إنزال القرآن هو التذكير بذلك اليوم الذي هو نظام الوجود ، قال واصفاً للقيامة واليوم الذي يكشف فيه عن ساق ، واعظاً بذكرها ومحذراً من أمرها : { الحاقة * } أي{[67836]} الساعة التي يكذب بها هؤلاء وهي{[67837]} أثبت الأشياء وأجلاها فلا كاذبة لها ولا لشيء عنها ، فلا بد من حقوقها فهي ثابتة في نفسها ، ومن إحضار الأمور فيها بحقائقها ، والمجازاة عليها بالحق الذي لا مرية {[67838]}فيه لأحد{[67839]} من الخلق ، فهي فاعلة بمعنى مفعول فيها ، وهي فاعلة أيضاً لأنها غالبة لكل خصم ، من حاققته فحققته {[67840]}أحقه أي{[67841]} غالبته في الحق فغلبته فيه ، فهي تحق الحق ولا بد فتعلو الباطل فتدمغه وتزهقه فتحق العذاب للمجرمين والثواب للمسلمين ، وكل ما فيها داثر على الثبات والبيان ، لأن ذلك مقتضى الحكمة{[67842]} ولا يرضى لأحد من الحكام ترك رعيته بغير إنصاف بينهم على زعمه فكيف بالحكيم العليم ، وقصة صاحب الحوت عليه السلام أدل دليل على القدرة عليها .


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[5]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[6]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[7]:- في م ومد وظ: برسالته.
[8]:- ليس في م ومد وظ.
[9]:- سورة 38 آية 29.
[10]:- في م وظ: اخرجه.
[67830]:- من ظ وم، وفي الأصل: لا.
[67831]:- من ظ وم، وفي الأصل: بعيدا.
[67832]:- من ظ وم، وفي الأصل: بينهم ولهم.
[67833]:- من ظ وم، وفي الأصل: بينهم ولهم.
[67834]:- من ظ وم، وفي الأصل: وعظ.
[67835]:- في م: تذكيره.
[67836]:- زيد من م.
[67837]:- من ظ وم، وفي الأصل: هو.
[67838]:- من ظ وم، وفي الأصل: لاحد فيه.
[67839]:- من ظ وم، وفي الأصل: لاحد فيه.
[67840]:- من ظ وم، وفي الأصل: إلى أحقه.
[67841]:-- من ظ وم، وفي الأصل: إلى أحقه.
[67842]:- من ظ وم، وفي الأصل: الحكم.