فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلۡحَآقَّةُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الحاقة

هي إحدى وخمسون آية ، وقيل اثنتان وخمسون وهي مكية . قال القرطبي : في قول الجميع . وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة الحاقة بمكة . وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله . وأخرج الطبراني عن أبي برزة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر بالحاقة ونحوها » .

قوله : { الحاقة } هي : القيامة لأن الأمر يحق فيها ، وهي تحق في نفسها من غير شك . قال الأزهري : يقال حاققته فحققته أحقه : غالبته فغلبته أغلبه . فالقيامة حاقة لأنها تحاقّ كل محاق في دين الله بالباطل وتخصم كل مخاصم . وقال في الصحاح : حاقَّه : أي خاصمه في صغار الأشياء ، ويقال : ماله فيها حقّ ولا حقاق ولا خصومة ، والتحاقّ : التخاصم ، والحاقَّة والحقَّةُ والحقُّ ثلاث لغات بمعنى . قال الواحدي : هي القيامة في قول كل المفسرين ، وسميت بذلك لأنها ذات الحواقّ من الأمور ، وهي الصادقة الواجبة الصدق ، وجميع أحكام القيامة صادقة واجبة الوقوع والوجود . قال الكسائي والمؤرج : الحاقَّة يوم الحق ، وقيل : سميت بذلك لأن كل إنسان فيها حقيق بأن يجزى بعمله ، وقيل : سميت بذلك لأنها أحقت لقوم النار ، وأحقت لقوم الجنةَ ، وهي مبتدأ وخبرها قوله : { مَا الحاقة } .

/خ18