مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ٱلۡحَآقَّةُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الحاقة

{ الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة } فيه مسائل :

المسألة الأولى : أجمعوا على أن ( الحاقة ) هي القيامة واختلفوا في معنى الحاقة على وجوه : ( أحدها ) أن الحق هو الثابت الكائن ، فالحاقة الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المجيء التي هي آتية لا ريب فيها ( وثانيها ) أنها التي تحق فيها الأمور أي تعرف على الحقيقة من قولك لا أحق هذا أي لا أعرف حقيقته جعل الفعل لها وهو لأهلها ( وثالثها ) أنها ذوات الحواق من الأمور وهي الصادقة الواجبة الصدق ، والثواب والعقاب وغيرهما من أحوال القيامة أمور واجبة الوقوع والوجود فهي كلها حواق ( ورابعها ) أن ( الحاقة ) بمعنى الحقة والحقة أخص من الحق وأوجب تقول : هذه حقتي أي حقي ، وعلى هذا ( الحاقة ) بمعنى الحق ، وهذا الوجه قريب من الوجه الأول ( وخامسها ) قال الليث : { الحاقة } النازلة التي حقت بالجارية فلا كاذبة لها وهذا معنى قوله تعالى : { ليس لوقعتها كاذبة } ، ( وسادسها ) { الحاقة } الساعة التي يحق فيها الجزاء على كل ضلال وهدى وهي القيامة ( وسابعها ) { الحاقة } هو الوقت الذي يحق على القوم أن يقع بهم ( وثامنها ) أنها الحق بأن يكون فيها جميع آثار أعمال المكلفين فإن في ذلك اليوم يحصل الثواب والعقاب ويخرج عن حد الانتظار وهو قول الزجاج ( وتاسعها ) قال الأزهري : والذي عندي في الحاقة أنها سميت بذلك لأنها تحق كل محاق في دين الله بالباطل أي تخاصم كل مخاصم وتغلبه من قولك : حاققته فحققته أي غالبته فغلبته وفلجت عليه ( وعاشرها ) قال أبو مسلم : { الحاقة } الفاعلة من حقت كلمة ربك .