صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

وهم يُطعِمون الطعام رغم حاجتهم إليه ، إلى المسكين واليتيم والفقير . . والمرادُ من إطعام الطعام الإحسانُ الى المحتاجين ومواساتهم بأي وجه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

{ ويطعمون الطعام على حبه } أي على حب الطعام وقلته وشهوتهم له وحاجتهم إليه . وقيل : على حب الله { مسكيناً } فقيراً لا مال له ، { ويتيماً } صغيراً لا أب له { وأسيراً } قال مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء : هو المسجون من أهل القبلة . وقال قتادة : أمر الله بالأسراء أن يحسن إليهم ، وإن أسراهم يومئذ لأهل الشرك . وقيل : الأسير المملوك . وقيل : المرأة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان " أي أسراء . واختلفوا في سبب نزول هذه الآية ، قال مقاتل : نزلت في رجل من الأنصار أطعم في يوم واحد مسكيناً ويتيماً وأسيراً . وروى مجاهد وعطاء عن ابن عباس : أنها نزلت في علي بن أبي طالب ، وذلك أنه عمل ليهودي بشيء من شعير ، فقبض الشعير فطحن ثلثه فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه ، فلما تم إنضاجه أتى مسكين فسأل فأخرجوا إليه الطعام ، ثم عمل الثلث الثاني فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه ، ثم عمل الثلث الباقي فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين ، فسأل فأطعموه ، وطووا يومهم ذلك : وهذا قول الحسن وقتادة ، أن الأسير كان من أهل الشرك ، وفيه دليل على أن إطعام الأسارى ، وإن كانوا من أهل الشرك ، حسن يرجى ثوابه .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

قوله تعالى : " ويطعمون الطعام على حبه " قال ابن عباس ومجاهد : على قلته وحبهم إياه وشهوتهم له . وقال الداراني : على حب الله . وقال الفضيل بن عياض : على حب إطعام الطعام . وكان الربيع بن خيثم إذا جاءه السائل قال : أطعموه سكرا فإن الربيع يحب السكر . " مسكينا " أي ذا مسكنة . وروى أبو صالح عن ابن عباس قال : هو الطواف يسألك مالك " ويتيما " أي من يتامى المسلمين . وروى منصور عن الحسن : أن يتيما كان يحضر طعام ابن عمر ، فدعا ذات يوم بطعامه ، وطلب اليتيم فلم يجده ، وجاءه بعد ما فرغ ابن عمر من طعامه فلم يجد الطعام ، فدعا له بسويق وعسل ، فقال : دونك هذا ، فوالله ما غبنت ؛ قال الحسن وابن عمر : والله ما غبن .

" وأسيرا " أي الذي يؤسر فيحبس . فروى أبو صالح عن ابن عباس قال : الأسير من أهل الشرك يكون في أيديهم . وقال قتادة . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : الأسير هو المحبوس . وكذا قال سعيد بن جبير وعطاء : هو المسلم يحبس بحق . وعن سعيد بن جبير مثل قول قتادة وابن عباس . قال قتادة : لقد أمر الله بالأسرى أن يحسن إليهم ، وأن أسراهم يومئذ لأهل الشرك ، وأخوك المسلم أحق أن تطعمه .

وقال عكرمة : الأسير العبد . وقال أبو حمزة الثمالي : الأسير المرأة ، يدل عليه قوله عليه السلام : ( استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم ) أي أسيرات . وقال أبو سعيد الخدري : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " فقال : ( المسكين الفقير ، واليتيم الذي لا أب له ، والأسير المملوك والمسجون ) ذكره الثعلبي . وقيل : نسخ إطعام المسكين آية الصدقات ؛ وإطعام الأسير ( آية ) السيف . قاله سعيد بن جبير . وقال غيره : بل هو ثابت الحكم ، وإطعام اليتيم والمسكين على التطوع ، وإطعام الأسير لحفظ نفسه إلا أن يتخير فيه الإمام . الماوردي : ويحتمل أن يريد بالأسير الناقص العقل ؛ لأنه في أسر خبله وجنونه ، وأسر المشرك انتقام يقف على رأي الإمام ، وهذا بر وإحسان . وعن عطاء قال : الأمير من أهل القبلة وغيرهم .

قلت : وكأن هذا القول عام يجمع جميع الأقوال ، ويكون إطعام الأسير المشرك قربة إلى الله تعالى ، غير أنه من صدقة التطوع ، فأما المفروضة فلا . والله أعلم .

ومضى القول في المسكين واليتيم والأسير واشتقاق ذلك من اللغة في " البقرة " {[15673]} مستوفى والحمد لله .


[15673]:راجع جـ 2 ص 14 فما بعدها ، وص 21.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

{ ويطعمون الطعام } نزلت هذه الآية وما بعدها في علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم فإنهم كانوا صائمين فلما وضعوا فطورهم ليأكلوه جاء مسكين فرفعوه له وباتوا طاوين وأصبحوا صائمين فلما وضعوا فطورهم جاء يتيم فدفعوه له وباتوا طاوين وأصبحوا صائمين فلما وضعوا فطرهم جاء أسير فدفعوه له وباتوا طاوين والآية : على هذا مدنية لأن عليا إنما تزوج فاطمة بالمدينة وقيل : إنما هي مكية وليست في علي .

{ على حبه } الضمير للطعام أي : يطعمونه مع حبه والحاجة إليه فهو كقوله : { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } [ آل عمران : 92 ] ، وقوله : { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } [ الحشر : 9 ] ، ففي قوله : { على حبه } تتميم وهو من أدوات البيان ، وقيل : الضمير لله ، وقيل : للإطعام المفهوم من يطعمون ، والأول أرجح وأظهر .

{ مسكينا ويتيما وأسيرا } قد ذكرنا المسكين واليتيم وأما الأسير ففيه خمسة أقوال :

أحدها : أن الأسير الكافر بين المسلمين ففي إطعامه أجر لأنه في كل ذي كبد رطبة أجر ، وقيل : نسخ بالسيف .

والآخر : أنه الأسير المسلم إذا خرج من دار الحرب لطلب الفدية .

والثالث : أنه المملوك .

الرابع : أنه المسجون .

الخامس : أنه المرأة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيرا لأنهن عوان عندكم " وهذا بعيد ، والأول أرجح لأنه روي : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي بالأسير المشرك فيدفعه إلى بعض المسلمين ويقول له أحسن إليه " .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

ولما كان من خاف شيئاً سعى في الأمن منه بكل{[70594]} ما عساه ينفع فيه-{[70595]} ، وكان قد ذكر تذرعهم{[70596]} بالواجب ، أتبعه المندوب دلالة على أنهم لا ركون لهم إلى الدنيا ولا وثوق{[70597]} بها ، فقد جمعوا إلى كرم الطبع بالوفاء ورقة القلب شرف النفس بالانسلاخ من الفاني فقال : { ويطعمون الطعام } أي على حسب ما يتيسر لهم من عال ودون على الدوام . ولما كان الإنسان قد يسمح بما لا يلذ له قال : { على حبه } أي حبه إياه حباً هو في غاية المكنة منهم-{[70598]} والاستعلاء على قلوبهم لقلته وشهوتهم له-{[70599]} وحاجتهم إليه كما قال تعالى :

{ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }[ آل عمران : 92 ] ليفهم أنهم للفضل أشد بذلاً ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم{[70600]} : " لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم أي الصحابة رضي الله عنهم - ولا نصيفه " لقلة الموجود إذ ذاك وكثرته{[70601]} بعد { مسكيناً } أي محتاجاً احتياجاً يسيراً ، فصاحب الاحتياج الكثير أولى { ويتيماً } أي صغيراً لا أب له ذكراً كان أو أنثى { وأسيراً * } أي في أيدي{[70602]} الكفار أي أعم من ذلك ، فيدخل فيه المملوك والمسجون والكافر الذي في أيدي المسلمين ، وقد نقل في غزوة بدر أن بعض الصحابة رضي الله عنهم كان يؤثر أسيره على نفسه بالخبز{[70603]} ، وكان الخبز إذ ذاك عزيزاً حتى كان ذلك-{[70604]} الأسير يعجب من مكارمهم{[70605]} حتى كان ذلك مما دعاه إلى الإسلام ، وذلك لأن{[70606]} النبي صلى الله عليه وسلم لما دفعهم إليهم قال : " استوصوا بهم خيراً " ومن حكم الأسير الحقيقي كل مضرور{[70607]} يفعلون ذلك والحال أنهم يقولون بلسان الحال أو القال{[70608]} إن احتيج إليه إزاحة لتوهم المن أو توقع{[70609]} المكافأة مؤكدين إشارة إلى أن الإخلاص أمر عزيز لا يكاد أحد يصدق أنه يتأتى لأحد :


[70594]:من ظ و م، وفي الأصل: من كل.
[70595]:زيد من ظ و م.
[70596]:من ظ و م، وفي الأصل: تراعهم.
[70597]:زيد في الأصل: لهم، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[70598]:زيد من ظ و م.
[70599]:زيد من ظ و م.
[70600]:راجع مسند الإمام أحمد 2/11.
[70601]:من ظ، وفي الأصل: أكثرهم، وفي م: أكثره.
[70602]:من ظ، وفي الأصل و م: يد.
[70603]:من ظ و م، وفي الأصل: في الخبز.
[70604]:زيد من ظ و م.
[70605]:في ظ: مكارمه.
[70606]:من ظ، وفي الأصل و م: أن.
[70607]:زيدت الواو بعده في الأصل ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[70608]:في ظ و م: لامقال.
[70609]:من ظ و م، وفي الأصل: يتوقع.