فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

{ ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا } أي يطعمون هؤلاء الثلاثة الأصناف الطعام مع حبه لديهم وقلته عندهم ، قال مجاهد على قلته وحبهم إياه وشهوتهم له ، فقوله { على حبه } في محل نصب على الحال أي كائنين على حبه ومثله قوله { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } وقيل على حب الإطعام لرغبتهم في الخير قال الفضيل بن عياض على حب إطعام الطعام ، وقيل الضمير يرجع إلى الله أي يطعمون إطعاما كائنا على حب الله ، ويؤيد هذا قوله الآتي { إنما نطعمكم لوجه الله } والأول أمدح لأن فيه الإيثار على النفس ، والطعام محبوب للفقراء والأغنياء ، والمسكين ذو المسكنة وهو الفقير أو من هو أفقر من الفقير ، والمراد باليتيم يتامى المسلمين . والأسير الذي يؤسر فيحبس ، قال قتادة ومجاهد الأسير المحبوس ، وقال عكرمة الأسير العبد ، وقال أبو حمزة الثمالي الأسير المرأة .

قال سعيد بن جبير : نسخ هذا الإطعام آية الصدقات وآية السيف في حق الأسير الكافر ، وقال غيره بل هي محكمة ، وإطعام المسكين واليتيم على التطوع ، وإطعام الأسير لحفظ نفسه إلى أن يتخير فيه الإمام ، قال ابن عباس أسيرا هو المشرك .

وعن أبي سعيد الخدري " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { مسكينا } قال فقيرا { ويتيما } قال لا أب له { وأسيرا } قال المملوك والمسجون " أخرجه ابن مردويه وأبو نعيم ، وعن ابن عباس قال : " نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم " أخرجه ابن مردويه ، وقيل عامة في كل من أطعم هؤلاء لله وآثر على نفسه ( {[1671]} ) .


[1671]:ذكره الواحدي في "أسباب النزول" 331 والبغوي من رواية عطاء عن ابن عباس بغير سند. وأورده السيوطي في "الدر" 6/299 من رواية ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت في علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.