الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

وقوله تعالى : { على حُبِّهِ } يحتمل أنْ يعودَ الضمير على الطعام ، وهو قول ابن عباس ، ويحتمل أنْ يعودَ على اللَّه تعالى ؛ قاله أبو سليمان الدَّارانيُّ .

وقوله : { وَأَسِيراً } قال الحسن : ما كان أسراهم إلاَّ مشركين ؛ لأَنَّ في كل ذي كبد رطبة أجراً .

( ت ) : وفي «العتبيةِ » سُئِلَ مالك عن الأسير في هذه الآية أمسلم هو أم مشرك ، فقال : بل مشرك ، وكان ببدر أسارى ، فأنزلت فيهم هذه الآية ؛ فقال ابن رشد : والأظهر حمل الآية على كل أسير ، مسلماً كان أو كافراً ، انتهى يعني : وإنْ كان سبب نزولها ما ذكر فهي عامَّةٌ في كُلِّ أسير إلى يوم القيامة ، وقال أبو سعيد الخُدْرِيُّ : قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " { مِسْكِيناً } قال : فَقِيراً { وَيَتِيماً } قال : لا أَبَ لَهُ { وَأَسِيراً } قال : المَمْلُوكُ والمَسْجُونُ " ، وأسند القُشَيْرِيُّ في رسالته عن مالك ، عن نافع ، عنِ ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه قال : قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : " لِكُلِّ شَيْءٍ مِفْتَاحٌ ، وَمِفْتَاحُ الجَنَّةِ حُبُّ المَسَاكِينِ ، والفُقَرَاءُ الصُّبَّرُ هُمْ جُلَسَاءُ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " ، انتهى .

وروى الترمذيُّ عن أنس أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : " اللَّهُمَّ ، أحْيِنِي مِسْكِيناً ، وأَمِتْنِي مِسْكِيناً ، واحشرني في زُمْرَةِ المَسَاكِينِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ! قالَ : إنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً ، يَا عَائِشَةُ ، لاَ تَرُدِّي الْمِسْكِينَ ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، يَا عَائِشَةُ ، أَحِبِّي المَسَاكِينَ وَقَرِّبِيهِمْ ، فَإنَّ اللَّهَ يُقَرِّبُكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " قال أبو عيسى : هذا حديث غريب ، انتهى .