{ هو الذي ينزل على عبده } : أي هو الله ربكم الذي يدعوكم رسوله لتؤمنوا به ينزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم .
{ آيات بينات } : هي آيات القرآن الكريم الواضحات المعاني البينات الدلالة .
{ ليخرجكم من الظلمات إلى : أي ليخرجكم من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإِيمان النور } والعلم .
{ وإن الله بكم لرءوف رحيم } : ويدلكم على ذلك إرسال رسوله إليكم وإنزال كتابه ليخرجكم من الظلمات إلى النور .
وقوله تعالى : { هو الذي ينزل على عبده آيات بينات } أي إنكم تدعون إلى الإِيمان بالله الذي ينزل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم آيات واضحات المعاني بينات الدلائل كل ذلك ليخرجكم من الظلمات إلى النور من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإِيمان والعلم ، فما لكم لا تؤمنون إذاً ما هذا التردد والتلكؤ يا عباد الله في الإِيمان بالله وبرسول الله ، وإن الله بكم لرءوف رحيم فاعرفوا هذا وآمنوا به ويدلكم على ذلك إنزاله الكتاب وإرساله الرسول وتوضيح الأدلة وإقامة الحجج والبراهين .
- بيان لطف الله ورأفته ورحمته بعباده مما يستلزم محبته وطاعته وشكره .
قوله تعالى : " هو الذي ينزل على عبده آيات بينات " يريد القرآن . وقيل : المعجزات ، أي لزمكم الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، لما معه من المعجزات ، والقرآن أكبرها وأعظمها . " ليخرجكم " أي بالقرآن . وقيل : بالرسول . وقيل : بالدعوة . " من الظلمات " وهو الشرك والكفر " إلى النور " وهو الإيمان . " وإن الله بكم لرؤوف رحيم " .
ولما وصفه بالربوبية ، دل عليها بقوله : { هو } أي وحده لا غيره{[62398]} { الذي ينزل } أي على سبيل التدريج والموالاة بحسب الحاجة . ولما كان الخطاب في هذه السورة للمخلص ، قال مضيفاً إلى ضميره غير مقرون بما يدل على الجلال والكبرياء { على عبده } أي الذي هو أحق الناس بحضرة جماله{[62399]} وإكرامه لأنه ما تعبد لغيره قط { آيات } أي علامات هي من ظهورها حقيقة بتأن يرجع إليها ويتقيد بها{[62400]} { بينت } جداً على ما له من النعوت التي هي في غاية الوضوح { ليخرجكم }{[62401]} أي الله أي عبده بما أنزل إليه مع أنه بشر مثلكم ، والجنس إلى جنسه أميل ومنه أقبل ، ولا سيما إن كان قريباً ولبيباً أريباً { من الظلمات } التي أنتم منغمسون فيها من الحظوظ والنقائص{[62402]} التي جبل عليها الإنسان والغفلة والنسيان ، الحاملة على تراكم الجهل ، فمن آتاه سبحانه العلم والإيمان فقد أخرجه نم هذه الظلمات التي طرأت عليه { إلى النور } الذي كان{[62403]} وصفاً لروحه وفطرته الأولى السليمة .
ولما كان التقدير : فإن الله به للطيف خبير ، عطف عليه قوله مؤكداً لأجل زلزال من يطول به البلاء من المؤمنين وإنكار الكفار : { وإن الله } أي الذي له صفات الكمال { بكم } قدم الجارّ لأن عظيم رحمته لهذه الأمة موجب لعد نعمته{[62404]} على غيرنا عدماً بالنسبة إلى نعمته علينا { لرؤوف رحيم * } أي كنتم بالنظر إلى رحمته الخاصة التي هي لإتمام النعمة العامة صنفين : منكم من كان له به وصلة بما يفعل في أيام جاهليته من الخيرات كالإنفاق{[62405]} في سبيل المعروف ، وعبر بالإنفاق لكونه خيراً{[62406]} لا رياء ونحوه فيه كالصديق{[62407]} رضي الله عنه فعاد عليه ، بعد عموم {[62408]}رحمته بالبيان{[62409]} ، بخصوص رحمة عظيمة أوصلته إلى {[62410]}أعظم درجات{[62411]} العرفان ، ومنكم من كان بالغاً في اتباع الهوى فابتدأه بعد عموم رحمة البيان بخصوص رحمة هداه بها إلى أعمال الجنان ، وهي دون ما قبلها في الميزان ، وفوقها من حيث إنها بدون سبب من المرحوم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.