تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

الآية 9 وقوله تعالى : { هو الذي ينزل على عبده آيات بينات } الآيات في الحقيقة هي الأعلام . لكن فسرت الآيات بالحجج/ 549 – أ/ لأن الآيات حجج من عند الله تعالى جاءت ، لا أنها معتقدات{[20592]} من الخلق .

وقوله تعالى : { بينات } موضحات أنها من عند الله جاءت لا من عند الخلق ، أو { بينات } أمره ونهيه وما لهم وما عليهم وما يؤتى وما يتقى .

وقوله تعالى : { ليخرجكم من الظلمات إلى النور } ما أضيف إلى الله تعالى من الإخراج فهو على وجهين :

أحدهما : على حقيقة الإخراج ، وهو أن [ يوفقهم للإيمان ]{[20593]} ويعطيهم المعونة والعصمة ، فيخرجوا{[20594]} مما ذكر من الكفر إلى الإيمان .

والثاني : يخرج على الأمر به والدعاء إلى الإيمان ، ليس على حقيقة الإخراج ، وهو كقوله تعالى : { ليخرجكم من الظلمات إلى النور } في هذه الآية .

ونظير حقيقة الإخراج قوله تعالى : { الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور } [ البقرة : 257 ] وعلى هذا تخرج إضافة الهداية إلى الله تعالى[ على وجهين :

أحدهما : ]{[20595]}على التوفيق وإنشاء فعل الهداية منهم .

والثاني : على الدعاء والبيان من الله تعالى ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وإن الله بكم لرؤوف رحيم } جائز أن يكون معناه : وإن الله بمن خرج من الظلمات إلى النور لرؤوف رحيم ، وهو يرجع إلى المؤمنين خاصة .

وجائز أيضا أن يوصف بالرحمة والرأفة على الكل أي : { بكم لرؤوف رحيم } بما أرسل إليكم الرسول وأنزل عليكم الكتاب ، وإن كان في أنفسكم وعقولكم كفاية على معرفة وحدانية الله تعالى وربوبيته بدون إنزال الكتاب وإرسال الرسول . لكن بفضله ورحمته أرسل الرسل ، وأنزل الكتب ليكون ذلك أدعى لهم وأوصل إلى إدراك ما يدعو إليه وأقرب في دفع الشبه والعذر ، والله أعلم .


[20592]:من م، في الأصل: متعلقات.
[20593]:في الأصل و م: يوفق لهم على الإيمان.
[20594]:في الأصل و م: فيخرجون.
[20595]:ساقطة من الأصل و م.