اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

قوله تعالى : { هُوَ الذي يُنَزِّلُ على عَبْدِهِ } .

تقدمت قراءتا «يُنْزِلُ » تخفيفاً وتشديداً في «البقرة »{[55234]} .

وزيد بن علي{[55235]} : «أنْزَلَ » ماضياً .

وقوله : { آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } يعني القرآن .

وقيل{[55236]} : المعجزات ، أي : لزمكم الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم لما معه من المعجزات والقرآن أكبرها وأعظمها .

{ لِّيُخْرِجَكُم } أي : بالقرآن .

وقيل : بالرسول .

وقيل : بالدعوة ، { مِّنَ الظلمات } ، وهو الشرك والكفر .

{ إِلَى النور } وهو الإيمان { وَإِنَّ الله بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } .

فصل في إرادة الله للإيمان

قال القاضي{[55237]} : هذه الآية تدل على إرادته للإيمان ، أكد ذلك بقوله : { وَإِنَّ الله بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } .

فإن قيل : أليس يدل ظاهرها على أنه يخرج من الظلمات إلى النور ، فيجب أن يكون الإيمان من فعله ؟ .

قلنا : إذا كان الإيمان بخلقه لا يبقى لقوله : { هُوَ الذي يُنَزِّلُ على عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم } [ الحديد : 9 ] معنى ؛ لأن ما يخلقه لا يتغير ، بل المراد أنه يلطف بهم .

قال ابن الخطيب{[55238]} : وهذا على حسنه معارض بالعلم ؛ لأنه علم أن إيمانهم لا يوجد فقد كلفهم بما لا يوجد ، فكيف يعقل مع هذا أنه أراد منهم الخير والإحسان ، وحمل بعضهم قوله : { وَإِنَّ الله بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } على بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ولا وجه لهذا التخصيص .


[55234]:آية (90).
[55235]:وهي قراءة الأعمش كما في المحرر الوجيز 5/259، والبحر المحيط 8/218، وينظر: الدر المصون 6/273، والتخريجات النحوية والصرفية لقراءة الأعمش 265.
[55236]:ينظر: القرطبي 17/155.
[55237]:ينظر: الرازي 29/190.
[55238]:السابق.